IMLebanon

إخلاء سبيل مساجين مخالطين للمرضى من دون إجراء PCR!

كتبت مريم مجدولين لحام في “نداء الوطن”:

تعيش أمهات المساجين والموقوفين في لبنان، حالة من الترقب والتوجس لما ستؤول إليه التفاهمات التحاصصية والمعادلات الطائفية بشأن العفو عن أبنائهم، سواء “العام” الذي أُفشل في أيار أو “الخاص” الذي وعد به عون حينما رفعت وزيرة العدل إليه “لائحة بالمحكومين والموقوفين المرشحين للإفراج عنهم إليه منذ أربعة أشهر”، بحسب رئيس جمعية أهالي السجناء دمر المقداد، الذي يعتبر أنه حتى ولو أُقر هذا “العفو الخاص” سيكون كـ”الضحك على اللحى” ولن يتجاوز الـ300 محكوم وموقوف!

فإما أن اللائحة لا تزال في الدرج منذ أربعة أشهر ولم يوافق الرئيس عليها أو يستثني منها أحداً، ولم يُرجعها الى الوزيرة كي تعدّ مرسوماً نهائياً لتوقيعه وإصداره، أو أن الوزيرة مقصّرة في عملها، وإعداد اللائحة لم ينتهِ رغم مرور أكثر من 120 يوماً… أما الذي لا لُبس فيه هو أن “إضاعة الوقت” و”الإهمال” هما سيدا الموقف في كل الملفات الحساسة، سواء كانت من مسؤولية عنصر متواضع في دولتنا أو من صلاحيات الرئيس المكرسة دستورياً.

توصيات سطحية

وفي خضم ارتياب أهالي المساجين من وعود السلطة التي “تأخذهم إلى البحر وتردهم عطشى”، يشي الحوار الشكلي الذي عقدته إحدى لجان حسان دياب الكثيرة (لجنة الطوارئ لرفع حالة التأهب في السجون اللبنانية)، بمبادرة من وزير الداخلية والبلديات لتصريف الأعمال العميد محمد فهمي في قاعة الشرف بثكنة المقر العام، لدراسة وبحث نتائج وتداعيات انتشار فيروس كورونا، ولإعداد خطة طوارئ، أن هناك عدم معرفة حقيقية بواقع الحال في السجون إذ إن في التوصيات التي صدرت عنها سطحية كبيرة في التعاطي مع هول الكارثة التي نواجهها، ونكراناً لواقع مقار الإحتجاز اللبنانية وزنازينها غير المطابقة للقواعد النموذجية الدنيا.

إحدى التوصيات الغريبة والمضحكة كانت “تسهيل عملية التواصل بين النزلاء المصابين لإبلاغ ذويهم عبر الهواتف المركزة في السجون، إضافة إلى ذلك يمكنهم إرسال رسالة عبر تطبيق messenger على حساب Facebook العائد لقوى الأمن الداخلي (lebisf) لمتابعة الاطمئنان إلى أوضاع النزلاء الصحية، إذا اقتضت الحاجة”، في حين أن أغلب المساجين يملكون الهواتف الذكية ويرسلون إلى الاعلام والصحافة فيديوات من داخل السجن ويطلون على شاشات التلفزة بمداخلات إعلامية، فتُعد “لزوم ما لا يلزم”.

أما الأمر الفاضح أن أياً من التوصيات لم تتطرق إلى آلية إخراج السجناء، حيث تابعت “نداء الوطن” في الأيام العشرة الأخيرة عملية إخلاء سبيل أكثر من تسعة أشخاص، من دون القيام بفحص PCR، كما أن جميعهم خرجوا من السجن “بلا كمامة” ولا “قفازات واقية” ولا حتى ورقة بتعليمات توصيهم بالحجر لمدة 14 يوماً. فسألناهم عما إذا كانوا قد خالطوا مرضى فأجابوا جميعاً “نعم”! والمبكي أن أحدهم خرج وصور فيديو لقائه مع الأهل والأحبة وآخر صور فيديو تحدث فيه عن أعداد المرضى وهول تفشي الفيروس بين النزلاء!

كما غاب أيضاً عن ذهن المجتمعين، رفع قائمة بالسجناء المرضى في كل سجن تكون صادرة عن شبه المراكز الطبية الموجودة في السجون كافة، كي لا نبحث مع الأهالي “في فيسبوك السجين حسام حرب” لتحديد اسماء المرضى.

كما لم يشرحوا لنا ماذا يعنون بنقطة “تفعيل الإجراءات الوقائية الخاصة بالمحتجزين الأكثر هشاشة وعرضة للمخاطر، مثل كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة”، إذ إن الإكتظاظ في السجون لا يسمح بذلك، فهل سيقيمون خيماً ميدانية في الباحات تفصلهم عن غيرهم؟ وهل تمّ تخصيص أطباء ليكونوا جاهزين للتدخل حيث تدعو الحاجة؟

ختاماً، لن يكون التأثير المأمول من العفو الخاص الهزيل متاحاً أمام “التيار الوطني الحر”. فالمزاحمة الكاذبة على “تنفيس الشارع” على أمل إسكات الأمهات ليست إلا لغرض إضافة إنجاز وهمي آخر، وتقديم لبنان نموذجاً لسوء إدارة السجون قرباناً في مذبح الشعب اليومي، وصولاً إلى “جهنم”.