IMLebanon

الرئيس المكلف يحسم خياراته الأسبوع المقبل

كتب محمد شقير في “الشرق الأوسط”:

قال مرجع سياسي يواكب المشاورات الجارية لتهيئة الأجواء لتشكيل الحكومة الجديدة، إن المراوحة لن تبقى قائمة إلى ما لا نهاية وإن الأسبوع المقبل يُفترض أن يدفع باتجاه حسم المواقف سلباً أو إيجاباً وإن الرئيس المكلف السفير مصطفى أديب سيُضطر إلى حسم خياراته تشكيلاً أو اعتذاراً.

وأكد المرجع، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن العائق الوحيد الذي يؤخّر ولادة الحكومة يكمن في أن بعض الأطراف -في إشارة إلى موقف «الثنائي الشيعي»- يصرّ على تجويف المبادرة الفرنسية من مضامينها خصوصاً في ضوء إصراره على أن يسمّي الوزراء الشيعة ومن بينهم وزير المالية.

ولفت المرجع السياسي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مجرد الرضوخ لطلب «الثنائي الشيعي» في تسمية الوزراء الشيعة سيؤدي إلى إسقاط ما تعهد به أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لجهة المجيء بحكومة مستقلة من اختصاصيين.

وإذ أكد أن المشاورات مستمرة بين رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلف، وكانت آخرها الجولة التي عُقدت بينهما عصر أمس، رأى في المقابل أن أديب لم يرفض أن يتسلّم من ممثلَي «الثنائي الشيعي»، (المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب علي حسن خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، حسين خليل) عندما التقاهما أول من أمس، لائحة بأسماء عشرة مرشحين لتولي وزارة المالية على أن يختار أديب أحدهم لتولّيها.

وأوضح المرجع السياسي أن أديب تحفّظ على المبدأ، انطلاقاً من أن عدم موافقته على أي اسم من الأسماء الواردة في اللائحة سيدفع بممثلي «الثنائي الشيعي» إلى التقدُّم إليه بلائحة ثانية أو ثالثة، وهكذا دواليك إلى أن يوافق على الاسم.

وقال إن مجرد موافقته على اختيار اسم بناءً على رغبة «الثنائي الشيعي» سيدفع بالآخرين إلى مطالبة أديب بمعاملتهم بالمثل، وهذا ما يشكّل التفافاً على المبادرة الفرنسية وصولاً للإطاحة بها. وأكد أن الحكومة الجديدة في هذه الحالة ستكون نسخة من الحكومة المستقيلة مع فارق أن أديب سيحل محل الرئيس حسان دياب على رأس هذه الحكومة.

وأكد أن أديب أراد أن يقطع الطريق على «الثنائي الشيعي» برفضه أن يتسلّم منه لائحة بأسماء المستوزَرين، لأنه في حال أبدى استعداده لتسلّمها لن يكون في وسعه الامتناع عن تسلّم لوائح مماثلة من الكتل النيابية الأخرى أو الاعتراض على طلب عون أن يكون له الحضور الوازن في الحكومة.

ورأى أن الخروج عن خريطة الطريق التي رسمها ماكرون بموافقة الجميع لإنقاذ البلد بوضع معايير جديدة لاختيار الوزراء، سيلقى اعتراضا فرنسياً سينسحب تلقائياً على المجتمع الدولي والدول العربية لأن باريس لن توفر الغطاء السياسي لهكذا حكومة مرفوضة منها في الأساس.

وفي هذا السياق تستغرب مصادر سياسية المحاولة الرامية للنيل من دور أديب في تشكيل الحكومة من خلال التعامل مع زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بأنه هو من يتولى تشكيلها بالنيابة عن أديب وصولاً إلى اتهام الحريري بأنه يخطط للعودة إلى رئاسة الحكومة.

وتؤكد المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط» أن من يراهن على وجود رغبة لدى الحريري في العودة إلى رئاسة الحكومة بعد أن يستنفذ أديب قدراته على تشكيلها، يفترض أن يدرك أن رهانه ليس في محله. وتعزو السبب إلى أن من يقرر التضحية وتقديم التنازلات لتسجيل اختراق في حائط الأزمة المسدود ويفتح الباب أمام تسهيل ولادتها ويوافق بملء إرادته على الخروج حالياً من المعادلة السياسية، لا يخطط للعودة إلى رئاسة الحكومة.

وتضيف أن الحريري قرر أن يتخلى عن كل ما لديه من أوراق لتوفير كل الدعم لأديب. وتقول إنه أخذ على عاتقه أن يكون «كاسحة ألغام» لتعطيل «العبوات السياسية» بغية إزالة كل العراقيل التي تؤخّر تشكيل الحكومة. وتؤكد أنه وضع كل أوراقه السياسية لإنجاح المبادرة الفرنسية لقطع الطريق على ما ينتظر لبنان في حال اتَّخذ ماكرون قراره بسحب مبادرته من التداول في غياب أي بديل يمكن أن يملأ الفراغ السياسي الذي سيترتب على انكفاء فرنسا عن لعب دورها لإنقاذ لبنان.

وتحذّر المصادر من اللعب على عامل الوقت، وتقول إن لبنان لا يحتمل التخلي عن المبادرة الفرنسية ووضعه على لائحة الانتظار إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية. وتؤكد أن الحصار سيُفرض على الجميع وقد يأخذ البلد إلى المجهول ومنه إلى الفوضى بدلاً من تقديم كل التسهيلات لإنجاحها.

وتدعو هذه المصادر الرئيس بري للعب دور إنقاذي انطلاقاً من قدرته على التعاطي مع الجميع بخلاف حليفه «حزب الله»، وتقول: «لن نطلب منه الصدام مع حليفه وإنما بتكثيف حضوره لما له من فاعلية في إقناع حليفه بأنْ لا مصلحة في تمديد مشاورات التكليف بلا جدوى لئلا يُضطر ماكرون لإعادة النظر بمبادرته وصولاً إلى تجميدها في وقت ليس في قدرة أي طرف تسديد الكلفة السياسية لإسقاطها».