IMLebanon

فلتسقط المبادرة الفرنسية! (بقلم رولا حداد)

لعل أسوأ ما حصل بعد اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب أن يسارع عدد من الأطراف إلى الإعلان عن أن “المبادرة الفرنسية مستمرة” وأنهم “متمسكون بالمبادرة الفرنسية”، ونقل كلام عن مصادر فرنسية بأن مبادرتهم مستمرة وأن فرنسا لن تترك لبنان!

بربّكم من قال إننا كلبنانيين نريد للمبادرة الفرنسية أن تنجح؟ من قال إننا نريد إعطاء الأوكسيجين لهذه الطبقة السياسية الحاكمة بإشراف “حزب الله”؟

هل كان يظنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه يقدّم خدمة للبنانيين من خلال إعادة تعويم هذه الطبقة السياسية وتكبيد لبنان المزيد من القروض والاستدانة لتهدرها هذه الطبقة؟

والأهم من قال إننا نريد أن نختار بين الانهيار وبين أن يحكمنا “حزب الله”؟ من قال إننا نريد طبقة سياسية خاضعة للحزب تقدّم له التنازلات على حساب الدستور ونظام عيشنا؟

ما حصل في تفاصيل المبادرة الفرنسية أن الرئيس الفرنسي كان يقدّم التنازل تلو التنازل لـ”حزب الله” لأن ما يعنيه كان إنجاح مبادرته إعلامياً ولو على حساب اللبنانيين.

وهكذا قدّم الرئيس سعد الحريري التنازلات وكاد يكرّس عرفاً جديداً بقبوله بأن تكون وزارة المالية للشيعة، من دون أن يحصل على أي مقابل في حين أن أبسط قواعد المفاوضات تنص على أن تحصل تنازلات من الطرفين، ولكن كما دائماً في لبنان فإن “حزب الله” يحصل على مكاسبه نتيجة تنازلات الآخرين من دون أن يقدّم أي تنازل، والنتيجة أنه أصر على كل مطالبه ما أدّى إلى اعتذار مصطفى أديب!

لقد سئمنا كلبنانيين تقديم التنازلات لـ”حزب الله”، لأنه عند كل محطة يقضم المزيد من مؤسسات هذا البلد ويحكم قبضته على كل التفاصيل، ما أوصلنا إلى الانهيار الشامل!

نعم لا نريد المبادرة الفرنسية بنموذجها القائم على تقديم كل شيء لـ”حزب الله” الذي فشل فشلاً ذريعاً في الحكم أكثر من مرة، وآخرها حين فرض حكومة حسان دياب. ولعل ما أوصل الحزب إلى القبول بالتدخل الفرنسي، والذي يريده وفق شروطه، هو أنه عاجز عن الحكم. ولهذه الأسباب من غير المقبول أن تقوم فرنسا أو أي من الأطراف الداخلية في لبنان بمدّ حبل النجاة للحزب من خلال القبول بتشكيل حكومة بالشراكة معه ظاهرياً، إنما فعليا ستكون حكومة دياب-2 إنما بغطاء سني كامل، ما سيحمّل السنّة كامل المسؤولية عن الرحلة إلى جهنم التي جرى الإعلان عنها!

الدعوة موجهة اليوم للجميع: أتركوا “حزب الله” الذي يملك وحلفاؤه الأكثرية النيابية أن يتابعوا حكمهم كما فعلوا في حكومة حسان دياب، وليتحملوا وحدهم مسؤولية السقوط الكبير. لا تقبلوا بأي شراكة معهم في الحكم، سواء مباشرة أم بطريقة غير مباشرة، وخصوصاً أن لا مجال لإنقاذ لبنان بالشراكة معهم، والأميركيون والسعوديون كانوا أكثر من واضحين.

كونوا رجالاً لمرة وارفضوا أي مبادرة تعوّم “حزب الله” وكل الطبقة الحاكمة، وليكن الانهيار وليتحملوا مسؤوليته كاملة، على قاعدة أن نحاسبهم وأن نعيد بعد ذلك بناء لبنان الجديد  خاليا من الحرس الثوري الإيراني ومن هذه الزمرة التابعة له سواء بإرادتها أو خوفاً منه!