IMLebanon

الإدمان على الأفلام البورنوغرافية!

كتب أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:

كانت الأرقام صادمة عندما قرأت مقالاً عبر موقع Convenant Eyes حيث أكّدت الكاتبة Noami Wolf بأنّ في كل ثانية هناك حوالى 28.500 شخص يشاهدون الافلام الإباحية حول العالم. وطبعاً هذه المشاهدة ليست مجانية، حيث تربح شركات الإنترنت ما يوازي 3 آلاف دولار في الثانية. والمشاهدون الذين ينتمون إلى جميع الفئات الإجتماعية ويأتون من جميع بلدان العالم، من دون إستثناء، 96% منهم من الراشدين يتكلمون من دون أي خجل عن مشاهدة هذا النوع من الأفلام وهذه المئوية تنخفض إلى 90% عند المراهقين.

والجدير بالذكر، بأنّ من كل 5 أبحاث عبر الإنترنت، واحدة منها لها علاقة بالبورنوغرافية. كما أكّدت الدراسة، بأنّ ما بين 50-60% من الأشخاص الذين يشاهدون الأفلام الجنسية، يدمنون عليها وتصبح حاجة ملحة لكل يوم، كأي نوع من المخدر، علماً بأنّ ممثلي الأفلام الإباحية، وحسب «وولف»، 79% منهم يتعاطون الماريجوانا و50% الـEcstacy. فما هو الإدمان على الأفلام الإباحية؟ وكيف يمكن مساعدة الشخص للتخلص من هذه العادة؟

العدوانية الجنسية

الأفلام الإباحية، ليست فقط أفلاماً جنسية، تُظهر الإنسان في وضعيات جنسية مختلفة مع الشريك. بل هي من المحفزّات الأولية للعدوانية الجسدية واللفظية، حيث 88% من المشاهد الجنسية تحتوي على عدوانية جسدية و49% منها تحتوي على عدوانية لفظية. وعلى الصعيد النفسي، الأفلام الإباحية تؤثر تأثيراً مباشراً على أخلاقيات الراشد وخصوصاً المراهق. فـ45% من الأشخاص الذين لم يتخطّوا الـ21، يعتبرون أنّ الافلام البورنو ليست تصرفاً معيباً (حسب مقال Pornography Statistics).

ولكن، لِمَ يلجأ الإنسان إلى هذا النوع من «البصبصة» للحصول على ملاذ وليشعر بالقوة؟ طبعاً التكوين النفسي للشخص وإختباراته الجنسية السابقة وغيرها من الأسباب، يمكن أن تدفع الإنسان نحو هذا النوع من الإدمان، أو تمنعه عنه.

الأفلام الإباحية من المنظور النفسي

الأفلام الإباحية هي مشاهد تُصَوَّرْ وتمثّل علاقة جنسية بين شخصين أو أكثر، من نفس الجنس أو من الجنسين. مع انتشار التكنولوجيا والانترنت، انتشرت الافلام الاباحية بشكل كبير، وأصبحت بمتناول الجميع. ولا أحد يمكن أن ينكر سلبيات هذه التجارة التي يغوص فيها بعض الأشخاص، ويصبحون مدمنين على المشاهدة اليومية لهذه الأفلام التي تتميز بسلبيات كثيرة، منها الإدمان على العادة السرية خصوصاً عند المراهقين، وإفتقار المجتمع للأخلاق والادبيات التي من دونها يتحوّل المجتمع إلى مجتمع «حيواني».

الأفلام الإباحية في كنف العائلة

الكثير من الأزواج، وبسبب عدم الإستثارة الجنسية الكاملة من الزوج أو الزوجة، يلجأون إلى مشاهدة الأفلام الإباحية كتعويض عن الحاجة الجنسية لديهم.

يؤكّد الأخصائيون في مجال الطب الجنسي، بأنّ هذه الافلام لها تأثير واضح من إحباط وتخفيف الشعور باللذة وعدم الوصول إلى النشوة الجنسية مع الشريك، كما تؤدي الى ضعف على الصعيد الآداء الجنسي والإنتصاب لدى الرجل والرغبة عند المرأة.

والمشكلة الأكبر، عندما يصبح الزوج/ة مدمناً على هذا النوع من الأفلام، فيزور يومياً المواقع الإلكترونية والإنترنت، ويقضي ما بين 8 و11 ساعة في الاسبوع في التسكع، ما بين موقع وآخر، بحثاً عن الإستثارة المحروم منها. ولا يمكن اعتبار الإدمان على الأفلام الإباحية مجرد تسلية لتمضية الوقت، أو حتى حشرية، بل هي حالة مرضية قد تتطلب أحياناً مساعدة نفسية، خصوصاً عندما تتحوّل إلى نوع من أنواع الإدمان. فمشاهدة الأفلام الإباحية هي كتعاطي المخدرات، حيث خلال المشاهدة، يفرز الجسم كميات من الدوبامين والاكسيتوسين التي تمنح شعوراً بالنشوة، وما إن يعتاد الجسم على كمية ما، فإنّه يطالب بكميات أكبر، وبالتالي يطلب أكثر وأكثر، للشعور الدائم بهذه النشوة.

طفلي المراهق والإدمان على الأفلام الإباحية

السينما، القصص، الأغاني وغيرها من الفنون… تلعب دوراً إيجابياً في حياة المراهق، خصوصاً عند مشاهدة الأفلام الرومانسية أو قراءة قصة إجتماعية أو سماع أغنية مع موسيقى هادئة وكلمات تدخل مباشرة إلى القلب… جميع هذه النشاطات تدفع المراهق نحو المزيد من الإيجابيات في علاقته الإجتماعية أو حياته الزوجية المستقبلية… ولكن هناك نوعاً آخر من الأفلام التي تقضي على أخلاق المراهق عندما يدمن عليها، هي الأفلام الإباحية.

وعلم النفس الجنسي يؤكّد، أنّ المراهق الذي يقضي ساعات وساعات في البحث على الانترنت عن الأفلام البورنوغرافية التي تغذي فقط غريزته الجنسية، تظهر لديه أعراض الاكتئاب والقلق النفسي وصولاً إلى القلق المفرط والتوتر النفسي… كما تظهر عنده سمة كره الذات، خصوصاً بعد الإنتهاء من مشاهدة هذه الأفلام والشعور بالذنب وحقر الذات وصولاً الى تشطيب اليدين؟… لذا طلب المساعدة تكون أساسية في هذه المرحلة.

كيف يمكن تقديم المساعدة؟

يتميّز مدمنو الأفلام الإباحية بتكوين علاقات وهمية مع العالم الإباحي، ويصبح الشريك كشيء يُستعمل فقط للجنس. ولتجنّب هذه المواقع الإباحية، يجب إتباع بعض الخطوات التي قد تساعدك في التخلص من هذا الإدمان الذي يؤذي النفس والجسد:

– مساعدة الذات من خلال القرار الحازم بعدم مشاهدة هذه الافلام، والإخلاص للشريك الحقيقي وليس لشريك وهمي. عند الإقتناع، يتحوّل المدمن على هذه الأفلام من عبد إلى شخص يحترم جسده ونفسه.

– يمكن أن تتمّ عملية الإقلاع عن هذه الأفلام تدريجياً، أي إذا كان الشخص يشاهدها يومياً، يمكن في بادئ الأمر تقليل من مدة المشاهدة، حتى الوصول إلى إلغاء هذه الأفلام نهائياً من حياة الشخص.

– حجب جميع المواقع الإباحية من الحاسوب أو من الهاتف الخليوي.

– عدم إقفال باب الغرفة مثلاً، يبعد التفكير بالمشاهدة. بعد تكرار هذه الحيلة، يعتاد المدمن على عدم إيلاء أهمية لهذه الافلام أو زيارة هذه المواقع في أي ساعة من النهار أو في الليل.

– تحديد الأوقات، مثلاً في الليل، والأماكن مثلاً في غرفة النوم، أو المناسبات مثلاً خروج الأهل من البيت. كل ذلك يمكن أن يدفع الشخص للتفكير ومشاهدة هذه الأفلام، فيجب تجنّب أي موقف يساعد في تعزيز فكرة المشاهدة.

– تفادي البقاء منفرداً في السرير أو في غرفة وحيداً، تجنباً لزيارة هذه المواقع.

– من أهم النقاط التي يمكن أن يقوم بها مدمن الأفلام الإباحية، هي الاعتراف بأنّ هذه الأفلام لا تفيد العملية الجنسية. فالصراحة مع النفس تساعد في قبول المشكلة وحلها.

– الفراغ وعدم ملء الوقت بنشاطات مختلفة يمكن أن يؤديا إلى مشاهدة الأفلام الإباحية. الرياضة، كالجري أو السباحة أو غيرها من النشاطات كالرسم والرقص … يمكن أن تساعد في السيطرة على الوضع، وتمنح الإستقرار النفسي.

– وأخيراً، بعد المحاولة مراراً والوصول إلى الفشل، يمكن طلب المساعدة من أخصائي نفسي-جنسي أو أخصائي نفسي أو بطبيب نفسي للمساعدة في تجاوز هذه المشكلة.