IMLebanon

الحدود السائبة مع سوريا تشجّع تهريب البضائع والمسلحين.. والمتفجّرات!

أما وقد تمكّن لبنان من التوصل الى إطار عملاني، مع إسرائيلي بوساطة اميركية، ستنطلق ضمنه مفاوضاتٌ بين الجانبين، حول ترسيم الحدود البرية والبحرية ترعاها اليونيفيل، سيفنّد رئيس مجلس النواب نبيه بري تفاصيله في مؤتمر صحافي يعقده بعد ظهر اليوم. فإن الانجاز المحقّق هذا، الذي من شأنه ان يحفظ حقوق لبنان بأراضيه ومياهه وثرواته حتى آخر حبة تراب او نقطة نفط او “ملح”، وفق ما تؤكد عين التينة، اعاد الى الاذهان واقع الحدود المشتركة مع سوريا.

فهل من الطبيعي ان ينجح لبنان في التفاهم مع إسرائيل في وقت يعجز عن اتفاق مماثل مع “الشقيق”؟ تطرح مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” هذا السؤال بتهكّم ممزوج بحسرة، مضيفة “التسيب الذي تشهده هذه الحدود، تسبّب بمأساة للشعب اللبناني وأمنه واقتصاده وماليّته، على مدى السنوات الماضية. مأساة تتوالى فصولا وقد اشتدت وطأتها في شكل غير مسبوق في الاشهر المنصرمة، على البلد الصغير، حتى تكاد أشكالُها المتعددة، تكسر ظهره”.

عمليات تهريب المواد الاولية الاساسية الى سوريا، خفتت منذ اسابيع، الا انها استفاقت من جديد، وبنشاط منذ ايام، بفعل اختناق الاقتصاد السوري وعجزه عن تأمين الاساسيات بسبب العقوبات المفروضة على دمشق، من جهة، ودعم هذه السلع من قِبَل “المصرف المركزي” اللبناني ما يتيح تحقيق ارباح مالية كبرى عبر بيعها بثمن أعلى في دمشق، من جهة ثانية. والحديث هنا عن البنزين والطحين والدواء ايضا، وكلّها باتت تهرّب عبر الحدود الفلتانة وبغطاء من قوى الامر الواقع الحزبية المتحكمة بها، الى سوريا، فيما يبحث عنها اللبنانيون بالسراج والفتيلة في طوابير الذل. هذا الواقع الذي يسرّع في قتل الناس والاقتصاد وفي هدر القليل الباقي من احتياطي المركزي، لصالح دمشق، وبعض التجار المحظيين المدعومين سياسيا… الا يستأهل ترسيم هذه الحدود المتشابكة، مرة لكل المرات، واقفالها بإحكام من قبل الجيش اللبناني الذي لا ينتظر الا قرارا سياسيا لتنفيذ المهمة، ويمكن ايضا الاستعانة باليونيفيل لمساندته فيها؟

هذا ماليًا ومعيشيًا. اما أمنيًا، فتركُ هذه الحدود مفتوحة فتح ابواب جهنم على اللبنانيين منذ عقود. السيارات التي كانت محمّلة بالمتفجرات وأبرزها تلك التي نقلها الوزير السابق ميشال سماحة، تسرح وتمرح عبرها، تماما كما المقاتلون التابعون لـ”حزب الله” او المناصرون للمعارضة السورية، الذين تنقّلوا – وإن بنسب متفاوتة- عبرها، كاسرين سياسة النأي بالنفس ومتسببين بغضب عربي ودولي على لبنان. أما “الدواعش”، فمستمرّون في نشاطهم وقد تصدّى لهم الجيش والقوى الامنية ولا يزال، ولم يبخل في تقديم الدم والشهداء في هذه المواجهة.

أما جنوبا، تتابع المصادر، فاستمرار دمشق في رفضها التعاون في مسألة إثبات لبنانية مزارع شبعا التي تُعتبر سورية في المنظار “الدولي”، يحرم لبنان تحريرها، ربما خدمة لحليف النظام السوري “حزب الله” الذي يستفيد من هذا الواقع للتمسك أكثر بسلاحه تحت حجة الحاجة اليه لتحرير المزارع وتلال كفرشوبا.. هذا السلاح الذي يعقّد الحياة السياسية اللبنانية، وفق ما قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون “المعتدل” نسبيا، منذ ايام، ويعزل لبنان عن محيطه العربي والدولي…

بعد هذا السرد، ألا يمكن القول وبضمير مرتاح وحجّة قوية، ان ترسيم الحدود بين لبنان وجارَيه،  ضروري لوقف الويلات التي يتبارى – او يتواطأ – العدو والصديق، على جرّه اليها؟ اليس هذا الترسيم الزاميا لتخفيف وهج اللعنة التي تلاحق البلد الصغير بفعل وقوعه في هذه البقعة الجغرافية؟