IMLebanon

الراعي يدعم النواب المستقيلين.. خطوة نحو إطار سياسي معارض؟

منذ اتخاذه قرار إطلاق معركة حياد لبنان “الايجابي” عن صراعات المحاور، في مواجهة إمعان البعض في زج البلاد في حساباتهم التي غالبا ما تأتي على حساب المصلحة العامة، لا يوفر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مناسبة إلا ويوجه فيها سهامه  في اتجاه الطبقة الحاكمة، وهو هجوم تصاعدت وتيرته في شكل لافت عقب كارثة 4 آب.

وغني عن القول في هذا المجال إن مبادرة البطريرك الراعي الجريئة في الاقدام على طرح الحياد، تتجاوز فكرة أن مرجعية لبنانية تؤيد الحياد. وفي السياق، أشارت مصادر سياسية عبر “المركزية” إلى أن الأهم يكمن في أن السلطة الكنسية الأعلى في البلاد تمضي في ملاقاة مطالب الشارع المنتفض، اللاهب بنيران نكبة 4 آب، كما الأزمة الاقتصادية والاجتماعية ذات الطابع الانهياري. بدليل أن البطريرك الراعي غالبا ما حض على الفصل بين الثوار الحقيقيين، والمشاغبين الذين يعتبر أن قوى مناهضة للحراك الشعبي تضعهم في مواجهة الناس لإفشال الثورة. وهو كان أعرب عن تأييده الثورة مرارا وتكرارا، إلى حد أنه خاطب شباب لبنان في عظة الأحد الفائت قائلا: “لبنان في حاجة إلى غضبكم وثورتكم”.

وذكّرت المصادر أن هذا الموقف أتى بعيد اجتماع دعا إليه الراعي مع النواب المستقيلين الثمانية (غاب عنه النائب الاشتراكي المستقيل مروان حمادة الذي عاد وزار الصرح البطريركي اليوم) لبحث الخطوات الهادفة إلى إنهاء الأزمة السياسية الحادة التي تعيشها البلاد، خصوصا بعد توجيه ضربة قاتلة إلى المبادرة الفرنسية بدفع الرئيس المكلف مصطفى أديب إلى الإعتذار لتعود الأمور إلى نقطة الصفر، في غياب أي حلول.

وإذا كان أحد لا يشك في أن مجرد انعقاد اجتماع من هذا النوع تحت قبة بكركي يحمل بين طياته دعما بطريركيا مبطنا لقرار الاستقالة الذي اتخذه النواب المعنيون بعد نكبة المرفأ، فإن “المركزية” علمت من مصادر واسعة الاطلاع أن اللقاء مع الراعي شكل مناسبة للتشاور في الخطوات الممكنة لحل الأزمات السياسية الكثيرة، من دون أن تفصح عن أي لقاءات مقبلة قد يعقدها البطريرك لمتابعة هذه المبادرة. إلا أنها  تعتبر أن الخطوة التالية يجب أن تكون في مكان آخر. ولا أحد يشك في أن هذا الموقف يحمل رسالة مباشرة إلى بعض القوى السياسية التي تجاهر بمعارضة السلطة في مسارها الانحداري، من دون الاقدام على أي خطوة من شأنها الضغط في اتجاه تحقيق واحد من أبرز المطالب الشعبية: الانتخابات النيابية المبكرة.

وفي السياق نفسه، لم تخف المصادر امتعاضها من كون ملف التشكيل يغرق في غياهب النسيان، ولا يحضر على رأس سلم أولويات دوائر القرار، بل يمر لماما في محادثاتهم، كما لو أن لبنان بألف خير. على أي حال، فإن عددا من القوى والشخصيات المعارضة تجهد في محاولة تعبئة الفراغ القاتل الذي يتركه أهل السلطة في البلاد. بدليل أن معلومات أفادت “المركزية” بأن اتصالات تجري بعيدا من الأضواء بين هذه الشخصيات، علها تنجح في تشكيل إطار سياسي موحد يسهم في إخراج البلاد من كبوتها.