IMLebanon

كسر المراوحة الحكومية يحتاج لطرح توافقي: التكنو-سياسية المخرج؟

بات من الواضح، في أعقاب تجربة مصطفى أديب الحكومية، أن أي حكومة لن تتمكن من إبصار النور إذا لم تتنازل القوى السياسية وتضع كلّها ماء في نبيذ شروطها ومطالبها. عمليا، حكومة مستقلّين حياديين لا حظوظ مطلقا لقيامها، بعد أن أكد “الثنائي الشيعي” أنه لن يقبل بتسليم دفّة اختيار الوزراء وتسميتهم لأي رئيس مكلّف. وقد جدد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أمس رسم هذا السقف بقوله: “الوقت ليس مواتيًا لتعديل أو تغيير موازين القوى، ولا للانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، ولا لابتداع صيغ لحكومة لا تمثل الكتل النيابية”، مشيرًا إلى أن “الأشهر الماضية أثبتت بأن الحل الوحيد المتاح هو التكليف والتأليف بحسب الدستور والآليات المعتمدة منذ الطائف، وأي تجاوز لهذا الحل يعني إبقاء البلد في حالة المراوحة والتدهور، يتحمل مسؤوليتهما من لا يسلك الطرق الدستورية والقانونية”.

فإذا أرادت القوى السياسية كسر المراوحة السلبية وتحقيق خرق في جدار الازمة المحلية، ليس امامها سوى التسليم بهذه المعادلة والبحث عن ارضية تفاهم تقرّب بين وجهات نظرها المتضاربة، وعن اتفاق وسط، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”. وعلى الضفة “التوفيقية” هذه، يبرز طرح رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، القائل بتشكيل حكومة تكنو-سياسية، تضم 6 وزراء سياسيين و14 من اهل الاختصاص.. فهل يكون هذا الاقتراح – الذي يتحدى ارادة الناس والشعب الثائر منذ عام – المخرجَ من النفق الحكومي؟

بحسب المصادر، قد يكون ميقاتي او الرئيس سعد الحريري او مصطفى أديب، او سواهم، على رأس حكومة كهذه، فهويّة واسم مَن سيدخل السراي تعدّ في الواقع تفصيلا، لأن الأهمّ في الحالة هذه، في مكان آخر، ويتمثّل في الآتي: هل ستتعاون القوى الدولية الكبرى والدول المانحة، وأهمّها الولايات المتحدة الاميركية والسعودية ومعها دول الخليج قاطبة، مع حكومة يتمثّل فيها حزب الله وحركة امل ويمسكان فيها على الارجح، بوزارة المالية؟ هل يُمكن لفرنسا، التي وبّخ رئيسها بقوّة القوى السياسية والحزبية اللبنانية على ادائها وفسادها، منذ اسابيع قليلة، موضحا ان اضافة معايير طائفية ومذهبية على عمليّة التشكيل تنسف المبادرة الفرنسية، هل يُمكنها ان ترضى بحكومة تكنو-سياسية، وأن تعمل ايضا على تسويقها لدى الغرب والعرب؟

ربّ قائل، وفق المصادر، ان الثنائي الشيعي يراهن على سلوك جديد اميركي – اوروبي في اعقاب تسهيل حزب الله وأمل اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل، بحيث تقابل واشنطن “هديّة” الممانعة هذه، بليونة ومرونة، فتخفّف من تشددها حيال حكومة يشارك فيها “الثنائي”، وتعمل على تأمين دعم سعودي لعودة الحريري الى الرئاسة الثالثة… غير أن حسابات الحزب والحركة، لا تتلاقى على الارجح، مع حسابات البيدر الاميركي، اذ يبدو التصلّب الاميركي سيستمر بأشكال متعددة لا بل انه قد يشتد ليتوسّع ويضرب اكثر فأكثر البيئة الحاضنة لحزب الله ومناطق نفوذه وليس فقط داعميه سياسيا وماليا… ذلك ان الترسيم في منظار الاميركي هدفه إراحة اسرائيل، لا تقديم تنازلات لحزب الله!

فإذا كانت هذه هي الحال- وعلى الارجح هي كذلك- ولم تكن قراءة “الثنائي” في مكانها، فإن مهلة الاسبوع الفاصلة عن الاستشارات، وما يمكن ان تحمله من مشاورات سيما على خط عين التينة – بيت الوسط،  ستنتهي الى صفر نتائج.. حتى ان ميقاتي او سواه لن يخاطرا في ترؤس حكومة لا رضى دوليا عليها.. وعليه، قد لا يبقى امام بعبدا سوى ارجاء الاستشارات…