IMLebanon

توحيد المعسكر المعارض: الهوة سحيقة وبكركي لا تتدخل

“حان الوقت لقيام إطار سياسي في مواجهة المنظومة الحاكمة”. الكلام لرئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميل في مقابلة تلفزيونية مطولة مع قناة “الحرة”. صحيح أن هذه ليست المرة الاولى التي تطلق فيها دعوات إلى توحيد القوى السياسية ذات الأهداف المشتركة تحت سقف سياسي معين يهدف الى تفعيل الصوت المعارض للنهج السياسي السائد في البلاد منذ دخول التسوية الرئاسية التي نفض الجميع يدهم منها على حين غرة، للأسباب المعروفة. لكن الصحيح أيضا أن هذا المطلب، على أحقيته في نظر البعض، بهدف إعادة بعض التوازن إلى المشهد السياسي، لا يزال بعيد المنال، في نظر بعض آخر يفضل مقاربة الأمور بشكل أكثر واقعية.

وفي السياق، ذكرت مصادر مطلعة عبر “المركزية” بأن دعوة رئيس الكتائب هذه أتت بعد ساعات على الاطلالة الإعلامية الأولى للرئيس سعد الحريري منذ خلعه عباءة الحكم، راضخا بذلك لضغط ثوار 17 تشرين. وتلفت  إلى أن الحريري بدا صريحا جدا في التعبير عن هواجسه ومقاربته للملف الحكومي. إلا أنه لم يتوان أيضا عن اغتنام الفرصة الاعلامية المتاحة لتصفية حسابات سياسية وحكومية عالقة منذ زمن بينه وبين حلفاء الأمس، على رأسهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، والزعيم القواتي سمير جعجع، إضافة إلى الخصوم التقليديين، كالفريق الرئاسي والثنائي الشيعي، وسائر الدائرين في هذا الفلك. ففي وقت أكل جعجع “نصيبه” من غضب الحريري مستجرا ردا عنيفا من القوات، فجر زعيم تيار المستقبل مفاجأة، عندما قرر كشف مضمون الاتصال “العاصف” الأخير بينه وبين جنبلاط، قائلا إن الزعيم الدرزي حضه أمام الفرنسيين على القبول بإعطاء الطائفة الشيعية وزارة المال “إلى أبد الآبدين” على حد قوله. معلومات سارع الاشتراكيون إلى نفيها.  كل هذا يأتي ليضاف إلى امتعاض الحريري من الاستقالات النيابية التي أعقبت انفجار المرفأ، معتبرا أنها غير مجدية، ومتمنيا لو أن صوت رئيس الكتائب بقي مسموعا إلى جانبه في مجلس النواب، مع العلم أن للرجلين صولات وجولات من الخلاف السياسي.

وإذ تعترف المصادر أن مواقف الحريري من الحلفاء والخصوم باتت معروفة في الأوساط الشعبية، تلفت إلى أن هذا لا يقلل من أهمية كلام الحريري، على اعتبار أنه كشف إلى العلن مدى عمق الخلافات بين أطراف المعارضة وصعوبة ردم الهوة في ما بينهم بما يوحد جهودهم ويعطي مواقفهم زخما أكبر ويجعلها أكثر فاعلية.

وتشير المصادر أيضا إلى أن تصعيد الحريري سياسيا في وجه الجميع، واعتراضه على الاستقالات الجماعية يأتيان بعد أسبوع على لقاء موسع جمع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مع النواب المستقيلين من المجلس، والذي أفادت معلومات صحافية بأنه شكل مناسبة عبر خلالها الراعي عن تأييده فكرة الاستقالة، تماما كما عبر مرارا عن مناصرته الثورة على اعتبارها صدى صوت الناس. غير أن هذا لا يعني أن بكركي في وارد الذهاب إلى الاتصال بالنواب المسيحيين الذين لا يزالون حاضرين في المجلس بهدف دعوتهم إلى الانسحاب منه. ذلك أن البطريرك الراعي يطلق إشارات تفيد بأنه يتوقع خطوات من هذا النوع من جانب النواب المعنيين. غير أنه ليس في وارد القفز فوق رؤساء الكتل في أي شكل من الأشكال. فالدستور واحترام الطابع المؤسساتي للعمل السياسي فوق كل اعتبار. وفي الانتظار، تدعو المصادر إلى ملء الوقت السياسي والحكومي الضائع بمحاولة ردم الهوة السحيقة بين مكونات المعارضة ليبنى على الشيء مقتضاه.