IMLebanon

الحريري سقط في فخّ الحزب (بقلم رولا حداد)

بات واضحاً أن لا حكومة في المدى المنظور. لن يتمكن الرئيس سعد الحريري من تشكيل الحكومة لأن “المهمة” الحقيقية للحكومة المنتظرة يحددها الأمين العام لـ”حزب الله” وليس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي بات لديه ما يكفي من المشاكل الداخلية التي تشغله عن متابعة التفاصيل اللبنانية.

حصل نصرالله على ما يريد من الحريري: ورّطه في قبول التكليف من دون أن يسمح له بالتأليف. هكذا بات الحريري شريكاً في تحمّل مسؤولية الانهيار لكونه رئيساً مكلفاً، كما سيصبح مسؤولاً بالتساوي عن استمرار الفراغ الحكومي ما لم يسارع إلى تقديم تشكيلته الحكومية ليرمي الكرة في ملعب رئيس الجمهورية حليف الحزب، وهو ما لن يجرؤ عليه الحريري لاعتبارات عدة، تماماً كما أن المعلومات تشير إلى أن الرئيس المكلف سعد الحريري لن يقدم على الاعتذار كما فعل سلفه الرئيس المكلف مصطفى أديب، مع أن اعتذار الحريري قد يكون الخطوة الأذكى لتحميل “حزب الله” ورئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل مسؤولية ما سيحصل.

ثمة معلومات تتحدث عن أن الحريري أكّد لرؤساء الحكومات السابقين أنه لم يلتزم بتشكيل الحكومة بأي وعود باستناء ما وافق به لمصطفى أديب من إعطاء حقيبة المالية لشيعي ولمرة واحدة، وأنه لم يقطع وعوداً لأحد على عكس كل ما يُشاع، بدءًا من الثنائي الشيعي مروراً برئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” وليس انتهاءً حتى بزعيم المختارة، وأنه يصرّ على تسمية وزراء غير حزبيين في حكومة من 18 وزيراً.

وإذا كانت هذه المعلومات دقيقة، فإن ما يثير القلق عندها أن الحريري لم يتلقّ وعوداً في المقابل بتسهيل مهمته لا من الثنائي الشيعي ولا من رئيس الجمهورية الذي قال كلاماً واضحاً عشية التكليف، ومفاده أنه سيشارك بفعالية في التأليف ما يجعل الحريري أمام طريق مسدود وعجز عن إمكانية إتمام أي مهمة غير إنقاذ “حزب الله” عبر تحميل السُنّة بالشراكة الكاملة مسؤولية الانهيار الشامل الذي ينتظر لبنان في الأسابيع القليلة المقبلة.

يبدو حتى الساعة أن رئيس تيار المستقبل لم يقرأ جيداً كلام نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، ولم يقرأ بين سطور تأجيل الاستشارات أسبوعاً ليمنح الرئيس ميشال عون الحزب وقتاً إضافياً قبل أن يجريها مضطراً ليوصل الحريري إلى منتصف البئر قبل أن يقطع له حبل التشكيل، فيعلق الحريري بين عدم القدرة على استيلاد الحكومة والخوف من الاعتذار والخروج نهائياً الحلبة السياسية أو على الأقل من المنافسة على رئاسة الحكومة العتيدة.

ثمة أسئلة تحتاج إلى أجوبة منطقية لا تزال غير متوفرة، ومنها:

ـ لم يصرّ الشيخ سعد على تحمّل المسؤولية في حين أن القرار هو بيد “حزب الله”؟

ـ على أي دعم خارجي يعتمد الحريري في ظل الرفض الأميركي لمشاركة الحزب في الحكومة بأي شكل من الأشكال، وفي ظل الرفض العربي، وخصوصاً بعدما انكشفت مسرحية المقالة في جريدة المدينة السعودية التي اضُطرت إلى سحب المقالة التي سعت إلى ترويج كاذب لدعم سعودي لتكليف الحريري؟

ـ وماذا بقي من الدعم الفرنسي في ظل مشاكل ماكرون الداخلية من جهة، وفي ظل تيقّن الفرنسيين من العبثية اللبنانية وعدم الجدية سواء في تشكيل الحكومة او في الالتزام بالإصلاحات المطلوبة؟

الثابت أن ما بعد الثالث من تشرين الثاني لن يكون كما قبله بالنسبة إلى المسار السياسي في لبنان… فهل دخلنا في المحظور؟