IMLebanon

الميثاقية حين تفتقد إلى “وحدة المعايير”!

بأقل الأرباح السياسية الممكنة، تجاوز الرئيس المكلف سعد الحريري مطب التكليف الذي لم يمر سريعا، تماما كما يبدو التأليف غارقا في غياهب المحاصصات والكباش التقليدي على الثلث المعطل في الحكومة العتيدة. إلا أن تجاوز محطة التكليف لا يعني أن السجال حول الاشكاليات الدستورية التي شابتها انتهى. ذلك أن الميثاقية لا تزال تثير تساؤلات كبيرة، خصوصا في ضوء ما يراه البعض سعيا إلى توظيفها في تصفية الحسابات السياسية التقليدية.

وفي السياق، ذكّرت مصادر سياسية مطلعة، عبر “المركزية”، بأن منطق “القوة في صفوف المكون الطائفي” لعب دورا في تعبيد الطريق أمام الحريري العائد إلى السراي على أنقاض تجربة مصطفى أديب القصيرة. ونبهت إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون بادر إلى تأجيل الاستشارات أسبوعا كاملا، في استعادة لتجربة كان سبق أن أقدم عليها الرئيس السابق ميشال سليمان في عام 2011، والتي انتهت إلى تكليف الرئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي على وقع انقلاب القمصان السود وإطاحة حكومة الحريري بعد انتخابات 2009 عن طريق الثلث المعطل. إلا أن المصادر أشارت إلى أن الظروف المحيطة بهذين التأجيلين تختلف بشكل جذري. فبينما أقدم سليمان على الخطوة في انتظار تهيئة الظروف الدولية لتسوية “س-س” الشهيرة بين سوريا والسعودية، دفع عون قطار الاستشارات إلى محطة الانتظار سعيا وراء غطاء مسيحي للحريري، صاحب الخلافات القوية مع التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، والعلاقات المقطوعة مع القوات ورئيسها سمير جعجع للأسباب المعروفة.

ونبهت أوساط شاركت في اجتماعات الطائف، عبر “المركزية” أيضا، إلى أن التوافق المسيحي الذي أراده عون على شخص الحريري لتكليفه تشكيل الحكومة العتيدة ليس شرطا لتأمين “ميثاقية الاستشارات”، بل إنه يكفي أن تشارك فيها المكونات الطائفية على  اختلاف ممثليها لتحظى بالميثاقية، مع العلم أن عون، صاحب الموقع الأعلى العائد إلى المسيحيين في لبنان، يوقّع على مرسوم التكليف، الذي من دونه لا تأليف ولا من يؤلفون. حتى أن الطائف حفظ له صلاحية رفض أي تشكيلة قد يقدمها إليه الرئيس المكلف. وهذا أيضا تكريس للحضور المسيحي والميثاقية المسيحية في مسار ولادة الحكومات.

وتختم الأوساط مذكّرةً بأن عون الذي وجّه الرسائل المبطنة إلى الحريري، عاد وأجرى الاستشارات من دون أي تعديل يذكر على موقف التيار والقوات، فما الذي تغير، أم أن الأمر الواقع لعب دوره؟ هذا الاحتمال يبدو الأكثر ترجيحا.