IMLebanon

حكومة بشروط “الحزب” وضمانات لـ”التيار” أو لا حكومة!

يوم اعتذر مصطفى اديب عن تشكيل الحكومة انتهت المبادرة الفرنسية. ووريت الثرى مع بيان أديب، ولو أن كل المواقف الفرنسية واللبنانية قالت خلاف ذلك. قبلها كانت معادلة إصلاحات = مساعدات، وبعدها عادت بقوة. لم يبق من المشروع الانقاذي الفرنسي الا الفتات بعدما جوّفه سياسيو لبنان وقادته من بنده الاول حتى الاخير. اطاحوا بأديب، فعاد الحريري معتقدا ان بكونه حبل النجاة الاخير للبلاد وببضعة تنازلات قدمها للفريق الشيعي الداعم الاكبر لهذه العودة، سينتزع حكومة تشبه ما اشترطته المبادرة، وما يمنّ به النفس، ما دام رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل اعلن انه سيسهل المسار الحكومي الى الحد الاقصى ولا يريد شيئا من هذه الحكومة. فأين اخطأ الحريري؟

لا يشك أحد في مدى تأثير الانتخابات الاميركية على الوضع اللبناني عموما وارتباط ملف التشكيل على الارجح بنتائجها خصوصا، نسبة إلى التبدلات التي قد تحدثها على مستوى السياسة الاميركية العامة في المنطقة وتحديدا العلاقة مع الجمهورية الاسلامية وتداعياتها على لبنان. لكن التسليم للقدر وحصر العقبة الحائلة دون تشكيل الحكومة في لبنان بالاستحقاق الرئاسي الاميركي فيه شيء من المبالغة، باعتقاد اوساط سياسية مطلعة على ملف التأليف اعربت لـ”المركزية” عن اعتقادها بأن الخطأ الاكبر الذي وقع فيه الحريري يكمن في انه اعتقد ان خطورة المرحلة لا يمكن الا ان تفرض على القوى السياسية الترفع عما كانوا يعتمدونه في مسار تشكيل الحكومات في الظروف العادية وانه سيشكل الحكومة ما ان بدد عقدة المال وقدم التنازل للثنائي الشيعي، وهو الامر الذي قاد اديب الى الاعتذار. غير انه فوجئ أن ما يحصل راهنا هو جزء لا يتجزأ من هذا المسار بالنمط نفسه، اذ يبدأ التأليف من مكان وينتهي في مكان آخر.

واعتبرت الاوساط ان الحريري قد يكون اخطأ في التقدير او تسرع مراهنا على “وطنية البعض”، وهو على الارجح لن يدخل السراي الا بتنازل ثان لمصلحة التيار الوطني الحر على غرار التنازل الاول للثنائي وربما ثالث ورابع في ضوء رفع السقوف، مضيفة قد يكون فات الحريري ان تأجيل موعد الاستشارات قبل اجرائها بعد اسبوع، جاء مثابة رسالة وجُب عليه قراءة ما بين سطورها قبل الشروع في التأليف والغوص في وحول الاحجام والاوزان التي يتطلع البعض عبرها الى “ترويضه” وصولا الى الامساك بكل مفاصل الحكومة المرجح ان تكون حكومة نهاية العهد بما يعني ذلك، مع الاقتراب التدريجي من الاستحقاق الرئاسي ومرشحيه الكثر المنخرطين في بوتقة التأليف اليوم، ولكلٍ حساباته.

وما لم يتمكن الحريري من منحه الى حليفه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وكتلته المؤلفة من 15 نائباً، في حكومته الاخيرة، حينما قطع له وعدا بإعطاء الحزب حقيبة سيادية، لن يستطيع على الارجح توفيره للنائب سليمان فرنجية بكتلة لا يتجاوز نوابها عدد اصابع اليد. اما حقيبة الطاقة، اضافت الاوساط، فليست افضل حالا، فهل يعقل ان يسمح التيار بأن يقطف اي فريق سياسي آخر في الدولة ثمار اصلاح الكهرباء فيما لو تأمنت 24 ساعة على 24 ، بعد نضال طويل فيها؟ وسألت في السياق عن مغزى تقدم كتلة “لبنان القوي” في هذا التوقيت بالذات باقتراح قانون لتحديد مهلة للرئيس المكلف لتشكيل حكومته، فهل هي صدفة ام رسالة جديدة على الحريري حسن قراءتها؟

وختمت: ان تجربة الحريري المريرة مع القوى السياسية يفترض ان تفعل فعلها في مجال إلمامه بمسار تشكيل الحكومات، فقد اعتادت انها بقدر ما تضع عليه شروطها تُحصّل مكاسب وتنازلات لمصلحتها وهي لن تغير عادتها اليوم، فإما يكون لها ما تريد لجهة الامساك بالحكومة والتحكم بقراراتها والا، على الحكومة ومن يريدها سريعا السلام.