IMLebanon

“عقلية الدكّنجي” والمحاصصة تحكمان التأليف

أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية”، انّ “المعطّل لمسار التأليف هو سيادة منطق المحاصصة، والتأليف على “طريقة الدكنجي”، من حيث احتساب كمّ من المكاسب والمقاعد الوزارية التي سيحصل عليها هذا الطرف او ذاك، متجاوزين بذلك وضع البلد الذي انحدر الى المستوى الأسوأ في تاريخه”. وعرضت المصادر الخلاصات الآتية حول لقاءات الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري:

في اللقاءات الأولى بين عون والحريري، حكمت مقاربتهما لملف التأليف روح التعاون والتوافق على التعجيل بتوليد الحكومة، في مهلة لا تتجاوز نهاية الاسبوع الذي تلا تكليف الحريري، وذلك بعد التفاهم بينهما على الحقائب وأسماء الوزراء. لكنّ نظرة كلّ منهما الى حجم الحكومة لم تكن موحّدة، ذلك أنّ الحريري كان راغباً بحكومة مصغّرة من 18 وزيرا كحدٍ أقصى، فيما رئيس الجمهوريّة كان واضحاً في تأكيده على حكومة موسّعة ( 20 وزيراً فما فوق) يتولّى فيها كل وزير حقيبة، وليس أن تُسند الى الوزير أكثر من حقيبة، ما يؤدي الى ارباك وضعف في الانتاجية.

في اللقاءات التالية، لم يتمكّن الرئيسان من التفاهم على حجم الحكومة، وهذه كانت أولى العِقد، وسرعان ما أُضيفت إليها عِقَد متتالية، تُرك الباب مفتوحاً لإعادة البحث فيها، ومن هنا جاءت الإشارة اللافتة إلى «التأني»، في أحد البيانات الصادرة عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية. وهذه العِقَد كما حدّدتها المصادر تكمن:

– اولاً، حول موضوع المداورة، التي اصرّ رئيس الجمهورية على أن تكون شاملة كل الوزارات بما فيها وزارة المالية.

– ثانياً، حول مصير الوزارات السيادية، فرئيس الجمهورية لم يمانع في الحصول على وزارة الداخلية الى جانب وزارة الدفاع، فيما الرئيس الحريري، الذي سلّم بإسناد الماليّة إلى الطائفة الشيعية، لم يمانع في أن تصبح الخارجية من حصّة السنّة، وثمة معلومات تردّدت من دون ان يؤكّدها أحد، من أنّه كان يسعى لإسناد وزارة الدفاع الى شخصية ارثوذكسية يسمّيها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وعلى ذمّة المعلومات غير المؤكّدة، فإنّ عون لم يقبل بذلك.

– ثالثاً، حول حجم تمثيل تيار المردة، حيث يتحفّظ عون على تخصيصه بوزيرين مسيحيين.

– رابعاً، حول تمثيل طلال ارسلان، حيث برز رفض شديد من قِبل الحريري على توزير شخصية محسوبة عليه، فلا هو شارك في استشارات التكليف، ولا هو شارك في الاستشارات غير الملزمة التي اجراها الحريري في مجلس النواب. قابله رفض في المقابل لحصر التمثيل الدرزي في الحكومة بوليد جنبلاط فقط.

– خامساً، حول الثلث المعطل في الحكومة، الذي كان الحريري يسعى جاهداً لعدم توفيره لأي طرف في الحكومة، بما يجعلها عرضة للتهديد والتلويح به، امام اي قرار يمكن ان تتخذه، حتى ولو كان متعلقاً بشراء قرطاسية. فيما لم يبرز في المقابل اي حديث عن ثلث معطل، لكن برز اصرار على أن يكون غالبية الوزراء المسيحيين من حصّة رئيس الجمهورية وفريقه، اي 5 وزراء على الاقل، يُضاف اليهم الوزير الارمني، ومع الوزير الدرزي اذا ما تمّ توزير شخص محسوب على ارسلان، يصبح العدد 7 وزراء، ما يعني الثلث المعطل سواء بحكومة من 18 وزيراً او حكومة من 20 وزيراً.

– سادساً، حول الحقائب الاساسية وكيفيّة توزيعها، وبرز في هذا السياق توجّه واضح لدى الرئيس المكلّف ليخرجها من يد «التيار الوطني الحر»، في مقابل رفض للتخلّي عنها، اسوة بوزارة المالية التي ثُبّتت من حصًّة الثنائي الشيعي وتحديداً من حصّة الرئيس نبيه بري، وبالتالي فلتُعامل الطاقة كما عوملت المالية، وإلاّ فلتكن مداورة شاملة تشمل كل الوزارات.

– سابعا، كان ثمّة توافق مبدئي، على أن يتشاور الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية بأسماء الوزراء المسيحيين، ويتفقان على من سيتمّ توزيره، ولكن جاء في الأيام الأخيرة طرح مفاجئ يفيد بأنّ «غيرنا ليسوا احسن منا، فكما هم يسمّون وزراءهم، نحن (رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر) سنسمّي وزراءنا، ووزارة الطاقة من حصّتنا، ونحن سنسمّي وزيرها».

– ثامناً، والأهم، وهو انّ الاعتبار الشخصي هو الحاضر الأول والأكبر في كل هذه المباحثات، وعلى ما تؤكّد المصادر المطلعة، فإنّ الإعتبار الشخصي من كلا الجانبين، هو الذي يتحكّم بمسار الأمور من أوّلها الى آخرها.