IMLebanon

موجة كورونا الثانية تربك لبنان!

كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الاوسط”:

يعيش لبنان حالة من التخبط والإرباك على أبواب تفشي الموجة الثانية من وباء «كورونا»، وارتفاع غير مسبوق للحالات الإيجابية، في وقت لم تتجرأ حتى الساعة اللجنة الوزارية المعنية بملف «كورونا» على اتخاذ قرار الإقفال التام، كما يطالب جزء كبير من المعنيين، وسط رفض الهيئات الاقتصادية لقرار الإقفال، بالنظر إلى أنها تئن تحت وطأة الأزمة المتفاقمة.

وفيما أعلن صراحة كل من وزير الصحة ووزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ومحمد فهمي تأييدهما للإقفال العام، لم تتخذ اللجنة الوزارية هذا القرار في اجتماعها الأخير، أول من أمس، حيث اتخذ قرار يلزم المستشفيات الخاصة على كافة الأراضي اللبنانية الخاصة برفع جهوزيتها، وتخصيص أجهزة وأسرة لاستقبال مرضى «كورونا»، مكتفية بقرار الإقفال الجزئي في عشرات المناطق، علماً بأن حسن أعلن صراحة أن «المنعطف خطير وقاربنا على المشهد الكارثي».

ويتولى ملف «كورونا» في لبنان جهتان أساسيتان هما: لجنة متابعة التدابير لمواجهة «كورونا» التي يرأسها اللواء محمود الأسمر، واللجنة الوزارية التي تتلقى توصيات اللجنة الأولى لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، بينما تقوم لجنة الصحة النيابية التي يرأسها النائب عاصم عراجي بمراقبة هذا العمل، ووضع ملاحظاتها والتواصل بشأنها أيضاً مع اللجنتين.

ويلفت عراجي لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن وزير الصحة اقترح خلال اجتماع اللجنة أول من أمس (الاثنين)، إقفال البلد أربعة أسابيع، لكن لم يتخذ القرار بسبب الانقسام في الآراء داخل اللجنة، بينما كان اقتراح لجنة الصحة الإقفال 14 يوماً. ولفت عراجي إلى أن هذه الحكومة يبدو أنها تحاول تأجيل اتخاذ قرار الإقفال العام قدر الإمكان تفادياً لتداعياته، خصوصاً في ظل الرفض التام من القطاعات الاقتصادية، وبالتالي رمي مسؤوليته على الحكومة المقبلة.

ويرى عراجي أن الإرباك والتخبط اللذين تعيشهما الحكومة في التعامل مع وباء «كورونا»، سببهما الأساسي عدم الالتزام بالقرارات التي تتخذ، والتي هي مسؤولية عدد كبير من الوزارات، على رأسها وزارة الداخلية ووزارة العدل، إضافة طبعاً إلى وزارة العمل والسياحة والصناعة وغيرها. ويذكر بالقرارات التي اتخذت تحت طائلة الغرامة، والتي لم ينفذ منها شيء، من منع التجمعات ووضع الكمامات والإقفال الجزئي وغيرها، من دون أن يستثني جزءاً من المواطنين اللبنانيين من المسؤولية الذين بدورهم يتعاملون بخفة مع القرارات ومع الوباء أيضاً.

من هنا، ومع تحذيره من الموجة الثانية من وباء «كورونا» في الشهرين المقبلين، قائلاً «سنكون أمام واقع صعب جداً، وعلينا أن نعمل لمواجهة الأسوأ»، يرى أن اتخاذ قرار الإقفال 14 يوماً من شأنه أن يكون فرصة في هذا الإطار. ويوضح: «بداية هذه المرحلة من شأنها أن تريح المستشفيات والقطاع الطبي الذي سجل في صفوفه إصابات كثيرة بـ(كورونا)، ليعود وينطلق من جديد لمواجهة المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تسجيل نقص في الكادر الطبي نتيجة هجرة مئات الأطباء والممرضين».

كذلك من شأن هذا القرار، حسب ما يلفت عراجي، أن يمنح الفرصة والوقت للمستشفيات الخاصة كي تجهز الأقسام الخاصة بـ«كورونا»، وتأمين الأسرة المطلوبة.

وفي ظل معارضة القطاعات الاقتصادية لقرار الإقفال، يرى عراجي أن مبلغ الـ220 مليون دولار الذي يمنح لدعم السلة الغذائية، ولا يعرف كيف ومن يستفيد منه، إضافة إلى التهريب الذي لا يتوقف، لو يمنح للقطاعات الاقتصادية والعمال والموظفين الذين سيتأثرون من الإقفال، علنا نكون جميعاً مهيئين لمواجهة المرحلة المقبلة وتخفيف العبء قدر الإمكان.

وفي هذا الإطار، قال أمس رئيس اتحاد نقابات المؤسسات السياحية بيار الأشقر، في بيان، إن «الإقفال العام في البلاد لمواجهة «كورونا»، يتطلب دراسة معمقة من قبل الدولة، وإجراءات لدعم الاقتصاد من ناحية الحوافز والمخصصات، إسوة بالدول العربية والعالمية في مواجهة تداعيات الفيروس على المؤسسات والاقتصاد والمواطنين». وسأل: «في حال لم تلتزم جميع المناطق التي تغفل عنها الدولة بقرار الإقفال التام، هل سيعود هذا الإقفال بجدوى على صحتنا، أم نقمة على اقتصادنا؟»

بدوره حذر الدكتور عبد الرحمن البزري، عضو لجنة متابعة «كورونا»، في بيان، من أن «رقم الـمائة ألف إصابة (كورونا) (كوفيد 19) في لبنان على الأبواب، وعلى السلطة اللبنانية أن تقوم بما يلزم سريعاً من أجل استيعاب هذا الوباء، وتداعياته الخطيرة صحياً واقتصادياً واجتماعياً وتربوياً».

ورأى «أن التردد وعدم التنسيق الحاصل بين مختلف إدارات الدولة، بالإضافة إلى عدم التفاعل الإيجابي من قبل مختلف العناصر والقيادات السياسية والمدنية والروحية التي يتشكل منها المجتمع اللبناني، ستؤدي إلى تداعيات خطيرة تضر بصحة اللبنانيين، وتزيد من حدة تراجع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية».

ودعا مجدداً إلى «ضرورة عقد مؤتمر وطني يشارك فيه الجميع بعيداً عن تناقضاتهم وخلافاتهم، وذلك من أجل وضع سياسة صحية شاملة ومتكاملة، تواكب تطور هذا المرض الخطير، واضطرار الإنسانية للتعايش معه، ولفترة طويلة، سواء في لبنان، أو في غيره من المناطق».