IMLebanon

تحفظات نيابية على اقتراح “الوطني الحر” تعديل الدستور

عبّرت كتل نيابية في البرلمان اللبناني عن رفضها اقتراح قانون تقدم به تكتل «لبنان القوي» (يضمّ نواب التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل) لتعديل الدستور بشكل يُلزم رئيس الجمهورية بالدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتأليف الحكومة في مهلة أقصاها شهر من تاريخ استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة، كما يلزم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة بتأليف الحكومة في مهلة أقصاها شهر من تاريخ تسميته لتأدية هذه المهمة.

ولا يفرض القانون اللبناني على رئيس الجمهورية مهلة محددة للدعوة للاستشارات النيابية الملزمة، كما لا يفرض على رئيس الحكومة مهلة لتأليف الحكومة. وعادةً ما يتم تشكيل الحكومات في السنوات الـ15 الأخيرة في مهلة تتراوح بين شهر و11 شهراً.
ويرى كثيرون أن تعديل مهلة الرئيس المكلف «مس بصلاحية رئيس الحكومة أو بالطائفة السنيّة»، إذ يوضح مصدر دستوري أن «المسلمين السنة في لبنان قد يرون في تحديد مهلة لرئيس الحكومة المكلّف لتأليف الحكومة، إمكانية لابتزازه وتكبيل يديه»، إذ سبق أن «بحث اتفاق الطائف هذا الأمر ولكنه لم يسر به لأن القوى السنية كانت رافضة هذا الأمر بشكل قطعي».

ويقترح القانون المقدّم من «التيار الوطني الحر» تعديل الفقرة (3) من المادة 53 من الدستور التي تتطرق إلى أن «يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة يُطلعه رسمياً على نتائجها» فيضاف إليها «على أن تجري هذه الاستشارات وجوباً خلال مهلة ثلاثين يوماً كحد أقصى اعتباراً من تاريخ استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة في الحالات المنصوص عليها في المادة 68 من الدستور».

أمّا التعديل الثاني فهو للفقرة (2) من المادة 64 من الدستور والتي تتحدّث عن أنّ رئيس الحكومة المكلّف يُجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها، ليُضاف عليها «تصدر مرسوم التشكيل في مهلة ثلاثين يوماً كحد أقصى من تاريخ التكليف، وإلا اعتُبر رئيس الحكومة المكلف معتذراً حكماً عن التشكيل».

ويرى النائب في «التيّار» ماريو عون، أنّ الهدف من هذا القانون «سدّ ثغرة في الدستور الحالي تتعلّق بعدم وجود أي مهلة تضبط إيقاع تشكيل الحكومة» بشكل يمنع الوقوع في أمور كثيرة تسيء إلى ممارسة الحكم.’

ورأى عون في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ هذا الاقتراح مهم وفي حال إقراره «يمنع تكرار بعض المشكلات التي حدثت مع تشكيل حكومات سابقة»، مثل إطالة مدة تأليف الحكومة، وبالتالي إطالة مدّة حال تصريف الأعمال من قبل الحكومات.

ويذكّر النائب في كتلة «التنمية والتحرير» (تضمّ نواب حركة أمل) علي خريس، بأنّ موضوع تحديد مدة تأليف الحكومة كان قد «اقتُرح في اتفاق الطائف إلّا أنّ الرئيس صائب سلام رفضه حينها».

ورأى خريس أنّه شخصياً يؤيّد تحديد مدة التأليف حتى لا تكون مفتوحة، ولكنّ الموقف من اقتراح القانون المقدّم من «التيار الوطني الحر» يُتّخذ في اجتماع الكتلة، مضيفاً أنّ أي تعديل دستوري في لبنان «لا يمكن أن يتم إلا بتوافق وإجماع كلّي بين الكتل النيابيّة والطوائف، وذلك لأنّ نظام لبنان نظام طائفي وأي تعديل قد يشكّل حساسية لفريق ما، لذلك يجب أن يكون التعديل بالإجماع وضمن سلّة تعديلات إذا احتاج الأمر».

وفي هذا الإطار، رأى عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» (تضمّ نواب الحزب التقدمي الاشتراكي) النائب بلال عبد الله، أن لا مشكلة بمضمون التعديل الذي طرحه «التيار الوطني الحر» ولكن أي «تعديل دستوري في لبنان يتطلّب أن يكون قد تمّ إنشاء مجلس الشيوخ»، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ الحزب «الاشتراكي بطبيعة الحال يطمح إلى الدولة العلمانية، ولكن في ظلّ النظام الطائفي الحالي المريض يجب أن يأتي أي تعديل دستوري ضمن ورشة تعديل متكاملة لأمور عدة في الدستور وبإجماع من الأفرقاء السياسيين حتى لا يشعر أي طرف بأنّه المستهدف من هذا التعديل».

أمّا عضو كتلة المستقبل (تضمّ نواب المستقبل) رولا الطبش، فرأت أنّه بغضّ النظر عن مضمون اقتراح القانون المقدّم، «لا يُحبّذ إجراء أي تعديل للدستور بشكل جزئي، أي على القطعة»، فالتعديل الدستوري يجب أن يأتي «في سلّة متكاملة» تشمل الكثير من الأمور التي ترى مختلف القوى السياسية أنها بحاجة إلى تعديل.

حزب «القوّات» لم يحسم أمره بعد من التعديل الدستوري المقترح من «التيار»، إذ يؤكد مصدر في هذا الحزب أنّ هذا الأمر «سيكون موضع دراسة لنوّابه من أجل اتخاذ الموقف المناسب منه تأييداً أو رفضاً».
ويضيف المصدر في حديث مع «الشرق الأوسط» أن فتح باب التعديل بالدستور «ليس مسألة تفصيلية بل عملية دقيقة تفتح الباب لتعديلات أخرى ومطالبات من قوى أخرى، لذلك المضيّ بالأمر من عدمه يستدعي الدقة في اتخاذ القرار».