IMLebanon

لبنان “تحت تأثير” انعدام الوزن الفرنسي و… الأميركي

 

… تتعدّدُ الأسبابُ والنتيجةُ واحدة: الحكومةُ الجديدةُ «عالِقَةٌ» في دوامةِ شروطٍ وشروطٍ مضادةٍ تَحَوَّلَ معها موعدُ ولادتِها «دوّيخةً» أربكت الداخل اللبناني الذي بات في مدار «الأعاصير» المالية – الاقتصادية – الصحية فيما الدولة «مطحونةٌ» ولا صوت يعلو فوق صوت «أنا وبعدي الطوفان» الذي تنتهجه غالبية القوى في مقاربة أزماتٍ وجودية على حافةِ «زوال البلد» كما حذّرت باريس ولكن «لا تندهي ما في حدا».

وفيما كانت عَجَلاتُ مسارِ التأليفِ تصطدم بـ«عِصي» تعقيداتٍ تُراوِحُ بين حصةِ رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه (التيار الوطني الحر) وآلية إسقاط الأسماء على الحقائب و«الأمر لمَنْ» في التسمية، وبين عدم حسْم توزيعةِ الوزارات ولا حجم التشكيلة (18 وزيراً أو 20 أو أكثر) ولا «العِيار السياسي» للوزراء الاختصاصيين ومعيارُ اختيارهم، وصولاً إلى الكلام عن أن موضوع التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان يشكّل أحد «الفتائل الخفية» في فرْملة الملف الحكومي، بدت ظواهر الأزمات «الأخطبوطية» التي تقبض على لبنان تشي بـ«آتٍ أعظم» على وقع المزيد من فصول تَفَكُّك الدولة التي تغرق في أمطارها وقبْلها في دماء أبنائها الذين «التهمهم» مرفأ بيروت وانفجاره الهيروشيمي الذي أكمل شهره الثالث من دون أن تكتمل سبحةُ محاسبة المسؤولين عن جريمةٍ ذهب ضحيتها نحو 200 شخص وأكثر من 6 آلاف جريح و300 ألف مشرّد، وحوّلت نصف العاصمة تقريباً حطاماً.

 

ولم يكن ينقص علاماتِ دخول عملية التشكيل «ثلّاجة الانتظار» سوى الأجواء التي تحدّثتْ عن تَرَقُّب حركةِ الاستطلاع التي باشرتْها السفيرة الفرنسية الجديدة في بيروت آن غرييو، وإمكان تجديد باريس – عرّابة «حكومة المَهمة» الإصلاحية الموعودة – إدارةَ محرّكاتها لمحاولة تفكيك «الألغام» المزروعة في طريقة التأليف، وسط انطباعٍ بأن الحريري الذي اندفع إلى «مجازفة» التكليف مستفيداً من قوةِ الدفْع الفرنسية ضاقتْ أمامَه هوامشُ التقدم والتراجع في ضوء إدراكه أكلافَ أي تنازلاتٍ تعيد إنتاجَ حكوماتِ ما قبل انتفاضة 17 أكتوبر 2019 ومحاصصاتها وآليات تشكيلها التي كانت توصِل إلى «حكوماتٍ داخل الحكومة»، كلّ منها يؤلّفها حزبٌ «يحجز» حقائبه ويُسقِط عليها الأسماء، ناهيك عن تَيقُّنه من الأثمان الباهظة ليس من «جيْب» رصيده الشعبي الذي بدأ يستعيده فحسب بل على «الفرصة الأخيرة» الممكنة لاستدراج دعْم مالي دولي، بحالِ بالَغَ في تدوير الزوايا و«الخطوات إلى الوراء»، وهو بالتحديد ما جَعَلَه يرسم خَطاً ويقف عنده أقلّه بانتظار «القاطِرة» الفرنسية.

وإذ كانت مناخاتٌ نقلتْها «وكالة الأنباء المركزية» تتحدّث عن «أن العرب عموماً ودول الخليج خصوصاً وصلوا إلى مرحلة الإحباط من الطبقة السياسية اللبنانية، فإذا هي لم تشعر بمعاناةِ شعبها ماذا عسانا نفعل»؟ وأنهم «يأسفون لاصطدام الحريري بعقبات المحاصصة والشروط التي تحول دون ولادة حكومته التي اصطدمت بترف مجموعة سياسية تريد الاستحواذ على الحكومة»، أبدتْ أوساطٌ مطلعة الخشيةَ من أن تكون عملية التأليف دَخَلتْ مرحلةً من «التعليق» خصوصاً إذا لم يسارع الفرنسيون لتصفيح مبادرتهم التي صارت تحت تأثيراتِ الأولويات المستجدة لباريس أمنياً و«كورونياً»، في ظلّ رصْدٍ لِما إذا كان الطابع «النِزاعي» لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية سيترك تداعياتٍ تشجّع على المزيد من «تقطيع الوقت» من الأطراف الرئيسية فيما ظواهر «العاصفة الكاملة» مالياً واقتصادياً تتوالى.

وإذا كان فيديو لاجئ سوري مُثْقَلٍ بالهموم والأوجاع أقْدم على حرق نفسه قرب مركز استقبال تابِع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت أمس، وتَحَوُّله كتلة نارٍ أطفأها أحد أفراد أمن المركز شكّل الحَدَث المأسوي الأكثر تعبيراً عمّا يعيشه البلدُ «المضيف» الذي يتقلّب على «جمرِ» نكبته المالية، فإن مَشاهد شوارع وأسواق تجارية (خصوصاً جونية) تسبح في بحيراتٍ من الأمطار التي لم تجد ممرات تصريفٍ لها عزّز «مضبطةَ الاتهام» بحق سلطاتٍ غارقة في تصريف الأعمال تارِكةً اللبنانيين يقلّعون بأيديهم «الأشواك» التي زرعتْها سلوكياتٌ وممارساتٌ لا مكان فيها للمحاسبة. وشكّل تَحَوُّل الطرق مستنقعاتٍ مترامية «جرسَ إنذارِ» لِما ينتظر البلاد في موسم شتاءٍ لا تنقصه كوارث طبيعية يزيدُ من خطورتها الإهمالُ المتمادي وتداعياتُ الانهيار المالي، هو الذي يُنذر بأن يكون «مُرْعِباً» في ظلّ وباء «كورونا» الذي يَمْضي في حصْد الأرواح والإصابات التي يقترب مجموعها التراكمي إلى مئة ألف والذي لا تنفك أرقامه القياسية «تسلّم» بعضها البعض وكان آخِرها «تجاوُز نسبة حدوث كورونا 400 حالة لكل مئة ألف نسمة»، وفق ما كشف مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور فراس أبيض.

ورغم الواقع المُخيف الذي تَجاوَزَ «الخطوطَ الحمر» مع اقتراب أسرّة «كورونا» (العادية وفي العناية الفائقة) من الإشغال الكامل، لا تزال السلطات اللبنانية تدير الظهرَ لقرار الإقفال التام الذي تدور حوله «معركة صامتة» داخلَ حكومةِ تصريف الأعمال نفسها وبين الوزراء المعنيين، وسط اعتراضاتٍ من الهيئات الاقتصادية على توجيه «رصاصةِ الرحمة» إلى قطاعاتٍ صارتْ أساساً على شفير «لفْظ أنفاسها».

في سياق آخر، أعلن وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة، أمس، أنه سيصار إلى هدم اهراءات الحبوب بعد تصدّع أساساتها جراء انفجار مرفأ بيروت. وقال إنه بعد دراسة واقع المبنى من قبل خبراء «تبيّن لنا أن الاهراء متضرر، وبدقة أكبر يشكل خطراً على السلامة العامة للذين يقتربون منه».

وأوضح أن «امكان الانهيار وارد في كل لحظة خصوصاً أنّ الأساسات متضررة وبات هدمه ضرورة لتفادي أي مشكلة أخرى قد تطرأ»، لافتاً الى أن «الجيش سيتولى هدم الاهراء بمواكبة من الخبراء».

https://www.alraimedia.com/article/1506880/خارجيات/العرب-والعالم/لبنان-تحت-تأثير-انعدام-الوزن-الفرنسي-و-الأميركي