IMLebanon

الحكومة عالقة في دهاليز ومتاهات داخلية

تنشغل المراجع السياسية والحزبية برصد الترددات التي تركتها العقوبات التي طالت رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على عملية تأليف الحكومة، في ظل الخلافات التي ما زال الصمت المخيم على أجواء قصر بعبدا وبيت الوسط يخفيها في الكواليس المقفلة والتي ليس من السهل الإحاطة بها كاملة.

وقالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ”المركزية”، ان الحريري الذي يتولى عملية تشكيل الحكومة بطريقة غير معهودة حيث استنسخ تجربة السفير مصطفى اديب في عملية التشكيل. ومن هذه المنطلقات بالذات، تدور في الكواليس الضيقة مجموعة من السيناريوهات التي لم تحسم بعد الفصل النهائي الواجب قيامه بين العقوبات التي طالت باسيل وعملية التأليف لأكثر من سبب. ولذلك لا يجوز القول انها اطاحت ما بذل من جهود من اجل توليفة حكومية تحيي نوعا من الثقة المفقودة بالبلاد والمؤسسات الدستورية والمالية والمصرفية والقضائية التي اهتزت بقوة الى درجة بات من الصعب استعادتها ما لم تأت الحكومة العتيدة بصيغة فذة لم تكن محتسبة بما يمكن ان تحمله من مفاجآت.

وعليه حرصت المراجع نفسها على الإشارة الى سلسلة من التناقضات التي تسمح بابقاء الشك في الفصل النهائي بين العقوبات وعملية التأليف. فبعض القراءات توحي بالمعطيات الآتية:

-ان تركيز قرار العقوبات الذي صدر بحق باسيل على مسؤوليته في وزارة الطاقة وتحميله نتائج الفشل في تأمين الطاقة وحجم الفساد الذي رفع من نسبة الدين العام المرتبط بالقطاع يوحي بابعاد جميع المقربين منه عن الحقيبة  ما قد يكون عاملا باتجاه تقدم الصيغة التي ابعدته عنها. فان ثبت القول ان اخراج الطاقة من عباءة التيار الوطني الحر وحلفائه كان محسوما قبل صدور العقوبات، فإن ذلك يعزز القناعة بعدم الربط بينها ومصير الحكومة. وما يقدم هذه النظرية على غيرها القول ان الأسماء التي كان يطرحها باسيل مباشرة او عبر قنوات اخرى قد سقطت ولا سيما عندما تناولت مجموعة المستشارين الذين واكبوا مسيرته في الوزارة والى جانب من اختاره خليفة له منذ سنوات عدة.

– ان احتمال تكرار التجربة التي عاشها السفير مصطفى اديب عند قيامه بمهمة التاليف وربط تعثرها بصدور العقوبات بحق وزيري امل والمردة السابقين النائب علي حسن خليل ويوسف فنيانوس ليس منطقيا ولسبب بسيط. فقد ظهر لاحقا عند مقاربة الاسباب التي انهت مهمة اديب انها لم تعط هذه العقوبات أثرا بالغا على عملية التاليف الفاشلة. إذ انها لم تكن السبب الوحيد لكنها جاءت في توقيت استغله البعض لإخفاء الكثير من الحقائق الأخرى.

– اضاء مساعد وزير الخارجية الأميركية دايفيد شينكر في مقابلته التلفزيونية امس على اهمية الفصل بين العقوبات الشخصية التي تفرض على اي مسؤول والجهة السياسية التي ينتمي اليها ما يعزز نظرية الفصل بين الامرين، وما قيامه بالزيارتين الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية الا خير دليل على تجاوزهم العقوبات على خليل وفنيانوس.

تكتفي المصادر السياسية بهذه الأمثلة لتؤكد ان اي ربط نهائي ومحتوم بين العقوبات واي خطوة تطال مصير الحكومة لن يكون في محله وان كانت له اي انعكاسات فهي ضئيلة للغاية ولا تؤثر في عملية التاليف في حال توصل الفرقاء المعنيون الى صيغة يلتقون حولها وان ربطها بالعقوبات مجرد محاولة لتغليف خلافات أخرى لا يكشفون عنها لأكثر من سبب.

وبناء على ما تقدم يبدو للاوساط العليمة، ان هناك اسبابا أخرى اعاقت عملية التأليف ومعظمها مرتبط بالعلاقات الشخصية بين الأقطاب المؤثرين وفقدان الثقة بينهم. فمجموعة المقالب المتبادلة تنفي الربط مع العقوبات. فقد قيل من قبل ان المبادرة الفرنسية تترنح بانتظار الانتخابات الأميركية وان مهمة اديب ومن بعده الحريري لن تكون سهلة قبل هذه الانتخابات. وهو ما لم يثبت لاحقا عند نفي الجميع اي ربط بينهما وعليه طرح السؤال لماذا الإصرار على تحميل العقوبات على باسيل في ملف الطاقة مهمة افشال التشكيلة الحكومية، وكأن الولادة كانت رهنا بالتفاهم على حقيبة الطاقة فيما القضية عالقة في دهاليز ومتاهات تفتح الافاق على معطيات عديدة أخرى.