IMLebanon

“مفارقات” في كلام باسيل!

صحيح ان العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليه تحت قانون ماغنتسكي، سببها “فساده الممنهج واستغلال سلطته ومناصبه الرسمية واستخدامها لخدمة أغراضه الشخصية ومصالح مقرّبين منه” (…) وفق بيان الخزانة الاميركية، غير ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تحدّى واشنطن امس تقديم دليل واحد يثبت هذه التهم، واضعا في المقابل سبب استهدافه في مكان آخر: حلفُه مع حزب الله.

فيدُ رئيس الجمهورية ميشال عون اليمنى، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، أكد ان الاميركيين كانوا يضغطون عليه منذ سنوات لفك ارتباطه بحزب الله، تارة بالترغيب وتارة بالترهيب، الا انه بقي يرفض الى ان فُرضت العقوبات عليه. لكن اللافت في معرض سرده ما حصل، قوله ما يلي: “عندما طلبت أميركا مني التخلي عن حزب الله قلت إن هذا سيؤدي لشقاق داخلي”. وتابع: “حين طلب مني الوزير الأميركي مايك بومبيو ترك حزب الله ومواجهته، شرحت له أن هذا يؤدّي إلى عزل الشيعة، أي أنه يؤدّي إلى فتنة داخلية، فهل نجدك في مكانك بالخارجية عندما تقع الفتنة لتساعدنا في منع إراقة الدماء؟ وكان جوابه أنّه لا يعرف. ولمّا سألت هل يضمن عدم وقوع الفتنة؟ أكيد كان جوابه بالنفي”.

فبحسب المصادر، هذا الموقف يشكّل “إدانة” لحزب الله. فباسيل يبدو يقول فيه ان في حال وجد حزب الله نفسه من دون حلفاء سياسيين وازنين، سينقضّ على الداخل اللبناني بالسلاح مستخدما فائض قوّته ضد إخوانه في الوطن. وإلا كيف تحصل الفتنة؟ تسأل المصادر. فهل حزب الله يرضى بهذا الموقف، وهل هو فعلا يمكن ان يوجّه سلاحه من جديد الى صدور اللبنانيين اذا تغيّرت المعادلة السياسية ولم تعد تناسب مصالحه؟ المصادر تتابع “القوات اللبنانية اليوم مثلا تفتقد الى شبكة حلفاء حقيقية واسعة، وهي نوعا ما وحيدة في موقعها وخياراتها السياسية، وتعتبر ان “الشعب الثائر حليفها”، فهل يمكن لمعراب مثلا ان تقرر فتح حرب على الارض وتهديد السلم الاهلي، لأنها “وحيدة”؟ قطعا لا، فلماذا يفعلها حزب الله اذا، وفق باسيل؟ موقف باسيل هذا لا يخدم التيار ولا حزب الله، ويدل على ان تفاهم مار مخايل حصل من منطلق خوف ودونية، كَمَن يقرّر الخضوع لقويّ خشية ان يستخدم قوّته ضده، ويشير الى انه لم يُبرم بين طرفين من الند للند، جمعتهما نقاط التقاء أو رؤية مشتركة لبناء وطن افضل…

الى ذلك، سأل باسيل: “أين مصلحة اميركا في اغتيال سياسي لقادة مسيحيين يدعون علنا ‏الى التعاون والصداقة معها”؟ وقال “هذا مشروع الفوضى الذي يؤدي الى هجرة ‏المسيحيين من المنطقة وهذه وصفة حرب”. هذا الكلام استوقف ايضا المصادر التي ترى ان باسيل ذهب بعيدا في تحليله هذا. ففرضُ عقوبات عليه لن يتسبب بهجرة المسيحيين من لبنان والمنطقة، مشيرة الى ان فرض حزب الله سطوته على القرار السياسي في بيروت “تكفّل” اصلا بهذه المهمة، فابتعاد العرب والخليجيين عن لبنان وعزُله عن المجتمع الدولي ومحيطه العربي، أوصلا الاوضاع فيه الى الحضيض ما سبّب بهجرة اللبنانيين كلّهم لا المسيحيين فقط. كما ان المصادر تعتبر ان وجود المسيحيين في لبنان لم يكن يوما مرتبطا بضمانات خارجية او دولية، وهم لم يحتاجوا يوما لحمايات او رعايات من اي كان. فهؤلاء وقفوا في كثير من الاوقات ضد العالم وإرادة عواصمه الكبرى، وعرفوا كيف يصونون وجودهم في لبنان، وهذا ما حصل عام 1975، عندما تصدوا باللحم الحي لقرار كبير اتخذ بتحويل بلدهم الى وطن بديل للفلسطينيين، فكان لهم ما ارادوا وبقوا في ارضهم ورحل عنها الغرباء ومسوقو هذا المشروع وداعموه الاقليميون والدوليون.

وبعد، وفي السياسية الآنية، أكد باسيل امس ان الولادة الحكومية باتت مستحيلة من دون سير الرئيس الحريري بشروطه: اما مداورة شاملة تطال المالية ايضا، أو لا مداورة، مع اصراره على تسمية الوزراء المسيحيين. وبعد العقوبات، سيقف حزب الله قلبا وقالبا بوضوح الى جانب مطالب باسيل. فهل سيعطيه الرئيس المكلف سعد الحريري ما يريد؟