IMLebanon

شكراً جبران باسيل… (بقلم رولا حداد)

لا يمكن لأي عاقل أن يفصل العقوبات الأميركية على رئيس ” التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بموجب قانون ماغنتسكي عن المسار السياسي في العلاقة بين واشنطن وباسيل.

وإذا كانت الإدارة الأميركية عاقبت باسيل بسبب فساده، فإن لائحة الفاسدين في لبنان تطول كثيراً، ووضعه كأول مسؤول لبناني على لائحة العقوبات بموجب قانون ماغنتسكي إنما تفوح منه رائحة الاستهداف السياسي الواضح كما أكد باسيل، وهومحق. ولكن ثمة الكثير لم يقله باسيل حرفياً إنما كان واضحاً بين سطور كلامه.

بين سطوره أنه طلب ضمانات في الأميركيين في حال قرر الانقلاب على “حزب الله”، لكنه لم يحصل على هذه الضمانات. قال إنه سأل وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في زيارته الأخيرة إلى لبنان عما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على منع الفتنة في لبنان في حال استجاب باسيل لطلبها وابتعد عن الحزب، لكن بومبيو امتنع عن الإجابة عن هذا السؤال.

في كلام باسيل الكثير مما لم يقله، وأبرزه يكمن في أن باسيل كال اتهامات خطيرة لـ”حزب الله” وحمّله مسؤولية أي فتنة قد تحصل في لبنان.

في كانون الثاني 2011 لم يجد باسيل حرجاً بالتحالف مع “حزب الله” من الإطاحة بسعد الحريري وحكومته، يوم كان رئيس “تيار المستقبل” الذي كان يمثل يومها الأكثرية الساحقة من الساحة السُنيّة في لبنان. لم يحسب باسيل عندها أي حساب لأي فتنة لأنه كان يدرك أن الحريري والسُنّة في لبنان لا يريدون أي فتنة وغير قادرين على إشعالها لأنهم لا يملكون السلاح وغير مجهزين ولا نية لديهم أساساً لإشعال أي فتنة.

ويوم جال باسيل في البقاع وطرابلس واستهدف السنية السياسية بكلام قاسٍ لم يحسب حساب الفتنة المزعومة للأسباب نفسها.

وحين ذهب للاستعراض في الجبل وأطلق النار سياسياً ونكش الماضي البغيض لاستهداف الحزب التقدمي الاشتراكي والدروز من قداس دير القمر إلى قبرشمون، لم يُجرِ باسيل حسابات الفتنة ولا أظهر خوفاً على مصالحة الجبل.

وفي كل معاركه السياسية مع “القوات اللبنانية”، وحين نقض اتفاق معراب بالممارسة لم يفكر باسيل ولا للحظة بأي فتنة محتملة لأنه يعلم تمام العلم بأن “القوات” لا تريد الفتنة ولا تسعى إليها بل تتجنبها بكل ما أوتيت من قوة.

فقط حين يتعلّق الأمر بـ”حزب الله” يظهر الخوف من الفتنة في مفردات باسيل وقاموسه السياسي، وربما الخوف على نفسه جسدياً من أصحاب التاريخ المجيد في ممارسة الفتنة التي غذّاها باسيل نفسه وعمّه يوم دعما اجتياح الحزب لبيروت والجبل في 7 أيار 2008.

في الخلاصة أن باسيل حين رفض طلب الأميركيين بالابتعاد عن “حزب الله” لم يتوجّس من الفتنة بقدر ما توجّس من ردّ الفعل الممكن لـ”حزب الله” على البلد ككل وعلى “التيار الوطني الحر” ورئيسه بشكل خاص.

باسيل أكد كما دائماً أنه في كل مرة يمكن أن يتم حشر “حزب الله” سياسياً فإن الحزب المذكور يهدّد بالفتنة وبإشعال البلد. شكراً جبران باسيل لتذكيرنا بطبيعة “حزب الله”…