IMLebanon

“أبواب الحكومة موصدة بـ “الأقفال

… إلى الإقفال التام «كورونياً» عُدْ، وإلى «الأقفال» المُستعادَة حُكومياً دُر.

هكذا تَراجَعَ لبنان خطواتٍ إلى الوراء في إطار محاولةٍ تبدو صعبة للتقدّم مجدداً في مسار وقْف «زحْف كوفيد – 19» الذي يوشك القطاعُ الصحي أن يرفع «الراية البيضاء» أمامه، فيما دَخَل ملف تأليف الحكومة الجديدة مرحلةً من المراجعة «الارتدادية» على تفاهماتٍ «جنينية» كانت حصلت على «هيْكلها» وذلك على وهْجِ «رصاصة ماغنيتسكي» التي أطلقتْها واشنطن على رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل «المعاقَب» منذ الجمعة، بتهمةِ الفساد الذي لا تفصل إدارة دونالد ترامب بين شقّيه التقني والسياسي الذي يشكّله في نظرها التحالف مع «حزب الله» ومساعدته على «تمكين نفوذه».

وأمس، وجد لبنان نفسه مَرّةً جديدة مضطراً لتجرُّع كأس الإقفال التام ابتداءً من السبت المقبل وحتى نهاية نوفمبر الجاري، بعد تَجاوُز نسبة إشغال أسرّة العناية المركّزة 94 في المئة وارتفاع معدّل الوفيات اليومية إلى عشرة، وسط علاماتِ استفهامٍ كبرى «مُكَرَّرَة» عن مدى قدرةِ السلطات المعنية على فرْض الالتزام بموجبات القرار الذي اتُخذ بناء على توصية المجلس الأعلى للدفاع.

واستوقف كثيرين حجم القطاعات المستثناة من قرار الإقفال الذي لم يشمل أيضاً المطار والمرافئ البرية والبحرية ولا الفنادق والشقق المفروشة ولا المصارف، الأمر الذي عَكَسَ إرباكاً لدى السلطات التي بدت عالِقةً بين «مطرقةِ» عدم القدرة على «التفرّج» على «كورونا» يفْتك بشعبها الذي يصارع الجوعَ والانهيار المالي وبين سندان عدم الرغبةِ في تسديد ضربة «قاصمة» لقطاعاتٍ حيوية لها دور أيضاً في المساعدة على تجهيز القطاع الصحي وتوسيع إمكاناته للتصدي للموجة الثانية، وسط تَرقُّب لكيفية فرْض تنفيذ قرار مَنْع التجوّل اليومي بين الخامسة عصراً والخامسة فجراً (الآحاد بالكامل) وسياسة الـ «مفرد مجوز» للوحات السيارات خلال الفترات المسموح التنقل خلالها.

ولم تَخْلُ مقدّماتُ قرارِ الـ LOCKDOWN من إشاراتٍ سياسيةٍ شكّلت مؤشراً إلى المنحى الجديد الذي سَلَكه الواقع اللبناني برمّته منذ إعلان الخزانة الأميركية العقوبات على باسيل وما استدرجه هذا التطوّر من استقطاباتٍ داخلية مكتومةٍ يشكّل «حلبتَها» الملفُ الحكومي الذي سقطت الأقنعةُ عن المناخات الإيجابية «الدخانية» التي جرى تعميمها منذ تكليف الرئيس سعد الحريري (قبل نحو 3 أسابيع) وإطلاقه حركة مشاوراتٍ «حصرية» مع الرئيس ميشال عون.

وجاء إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب قرار الإقفال قبيل تلاوة توصية «الأعلى للدفاع» بمثابة «رسالةٍ» قرأتْها أوساط مطلعة على أنها برسْم الحريري «ومَن يعنيهم الأمر» في الداخل والخارج باستعدادٍ لتعويم الحكومة المستقيلة في سياق لعبة «مَن يصرخ أولاً» بين الائتلاف الحاكم (حزب الله – التيار الحر) وبين الحريري على تخوم «أهلاً بمرحلة العقوبات»، وهو ما وُضع في إطاره أيضاً رفْع مستوى تمثيل لبنان في مؤتمر دمشق للنازحين اليوم وغداً، بحيث يحضر الوزير رمزي مشرفية مكان السفير سعد زخيا.

علماً أن التطبيع مع نظام الرئيس بشار الأسد موضوع انقسامي «مُزْمِن» في بيروت التي تتلمّس طريق استعادة مظلّة الدعم العربي والدولي لخروجها من «النكبة» المالية على قاعدة النأي عن صراعات المحاور الذي صار بمثابة «الاسم الحَرَكي» للحدّ من تأثير «حزب الله» على الخيارات الإستراتيجية لـ «بلاد الأرز». ومع «الضوء الأحمر» الواضح الذي اصطدمت به عملية التأليف منذ فرْض العقوبات على باسيل مع توقعاتٍ بأن تلحق به عشرات الشخصيات في «لوائح أسبوعية» باتت تُسابٍق موعد خروج ترامب من البيت الأبيض، تتّجه الأنظارُ إلى مهمة صعبة يبدأها باتريك دوريل موفد الرئيس ايمانويل ماكرون في بيروت اليوم في محاولة لإحياء المبادرة التي قامت على تشكيل حكومة مهمة إصلاحية من اختصاصيين مستقلين، جرى «تخفيفُ» استقلاليتهم ليصبحوا «غير حزبيين» وفق توصيف الحريري، قبل أن تفرض الوقائعُ اللبنانية وتوازناتها المختلّة لمصلحة الائتلاف الحاكم الدخولَ في «شد حبال» قاسٍ سرعان ما صارت له أبعاد أكثر شمولية بعد العقوبات على باسيل.

ولم تتوانَ الأوساط المطلعة عن اعتبار أن الحركة الفرنسية الجديدة محكومةٌ بآثار الضربة التي أصابت باسيل ومعها مبادرة ماكرون الذي خَسِر ورقةَ تأثيرٍ ثمينة كان عنوانها أنه يشكّل «بوليصة التأمين» لرئيس «التيار الحر» بوجه العقوبات الأميركية عليه، وسط انطباعٍ بأن باسيل وهذه المَرة مدعوماً من «حزب الله» يصعب أن يقدّم تنازلاتٍ لماكرون الذي لم «يحْفظ له رأسه» من عصا العقوبات والذي يسود مناخٌ بأن مبادرته «تلاشتْ» مع انتهاء صلاحية إدارة ترامب، وأن أي تجديدٍ لمَفاعيلها يحتاج إلى انتظار كيفية مقاربتها من الرئيس المنتخب جو بايدن.

واستوقف الأوساط نفسها في إطار «المرحلة الخطرة» الفاصلة عن تَسَلُّم بايدن بعد أكثر من شهرين والتي قد تكون مُتْخَمة بالمفاجآت في أكثر من ساحة وخصوصاً في المواجهة مع إيران وأذرعها، خروج السفيرة الأميركية دوروثي شيا عن «الخطّ الديبلوماسي» وردّها الحازم على باسيل، كاشفة أنه «هو نفسه، أعرب عن الاستعداد للانفصال عن حزب الله بشروط معينة»، وهو ما علّق عليه الأخير واضعاً إياه في سياق «محاولة ‏دق الإسفين بين التيار وحزب الله».
https://www.alraimedia.com/article/1507529/خارجيات/العرب-والعالم/لبنان-إلى-الإقفال-التام-كورونيا-وأبواب-الحكومة-موصدة-ب-الأقفال