IMLebanon

هل يبادر الحريري ويحمل لعون المسودة تلو الأخرى؟

في خبر غير مفاجئ لمن يراقب من كثب التطورات السياسية المحلية والدولية، لم يتمكن الاجتماع الاميركي – الفرنسي في الاليزيه امس، من التأسيس لارضية مشتركة بين العاصمتين، ولا من تحقيق تفاهم ما، قد يساعد في “حلحلة” الازمة اللبنانية السياسية – الحكومية، التي حضرت في نقاشات وزيري الخارجية مايك بومبيو وجان ايف لودريان والتي شارك في جزء منها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.

عليه، تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، ان رهان بعض الداخل على هذه المحادثات، خاب، وقد أتى عقمُها، ليؤكد لهؤلاء ان انتظار الفرج من الخارج، في غير مكانه. فلكل من واشنطن وباريس نظرته ومقاربته الخاصة للملف اللبناني، في تباعد ينعكس بطبيعة الحال سلبا على مسار التأليف. وبالتالي، اذا اراد المسؤولون اللبنانيون الخروج من الورطة التي تتخبط البلاد فيها اليوم، ما عليهم الا أخذ زمام الامور في ايديهم.

الطابة هنا في ملعب الرئيس المكلف سعد الحريري، تتابع المصادر. فصحيح ان عملية التشكيل يشارك فيها اكثر من فريق، غير ان اللعبة تبدأ من مربّع بيت الوسط، ففي يده المبادرة ورمي الكرة، وعلى الآخرين تلقّفها. اذا، المطلوب اليوم، وفق المصادر، ان يبادر الرئيس الحريري الذي زار امس بعبدا حيث اجتمع الى رئيس الجمهورية ميشال عون، الى الخروج من دائرة المراوحة والتشاور والزيارات البروتوكولية الشكلية الى القصر، والدخول في مرحلة رسم التركيبات وطرحها على رئيس الجمهورية. فليضع المسودة التي يراها الانسب، تضيف المصادر، وليحملها الى القصر، فيناقشها مع سيّده.

هكذا، وهكذا فقط، يمكن تحريك المياه الراكدة في مستنقع التأليف منذ اسابيع. وبهذه الطريقة، سيتظهر مكمن الداء وتتكشف نقاط الاعتراض الحقيقية لدى القوى السياسية كلّها، وطبيعتُها وحجمُها، امام الرأي العام من جهة، وامام الرئيس المكلّف من جهة اخرى، فيعرف ما اذا كان قادرا على تذليلها وتفكيكها، ام لا. ولا ضير في ان يقدّم الحريري لعون، المسودّة تلو الأخرى، لمحاولة التوصل الى اتفاق معه. اما بقاء الاول في موقع المنتظر والمتفرّج – خاصة وانه يبدو رافضا رد التكليف أو الاعتذار، أقلّه حتى الساعة- فسيرتدّ سلبا عليه وعلى الاوضاع في البلاد، وقد عاود الدولار اصلا التحليق في الايام الماضية، وسيواصل ارتفاعه هذا طالما استمرّ “الخواء” السياسي.

مهمّة الحريري ليست سهلة، لكن عليه ان يسعى الى التوفيق بالحد الادنى، بين متطلبات الافرقاء السياسيين المحليين ومنهم التيار الوطني الحر وحزب الله لانه يعرف ان لا ولادة للحكومة من دون موافقتهما، وبين ما يطلبه الخارج من اصلاحات وأهل اختصاص مستقلين غير حزبيين، كي ترى حكومته النور، علّه يخلق امرا واقعا جديدا يدفع المجتمعَ الدولي الى التعاطي معه، على اساس اداء هذه الحكومة، بدل اطفاء محرّكاته وانتظار تبدّل المعطيات الدولية والاقليمية وانعكاسها لبنانيا، فيما البلاد تنهار على الصعد كافة، سيما وانه اي الحريري، كان طرح ترشيحه، لوقف هذا الانهيار.. فهل يبادر؟