IMLebanon

الانتخابات النيابية بعيدة المنال: الحسابات الرئاسية أولا…

لم تحدث الجولة القصيرة للموفد الفرنسي باتريك دوريل نهاية الأسبوع الفائت الخرق المطلوب على مستوى التأليف الحكومي الغارق في سبات تعطيلي عميق. على أن الأدهى أنها  ليست الضربة الوحيدة التي تلقتها المبادرة الفرنسية المفترض أنها انقاذية من جانب أفرقاء الداخل الغارقين حتى العظم في الحسابات والمحاصصات المعتادة. ذلك أن أحدا لا يشك في أن الثورة، وإن خمدت تحركاتها الميدانية، فعلت فعلها، وجعلت الجميع يخشون “الانقلابات الشعبية” المباغتة في صناديق الاقتراع، بما من شأنه أن يقذف استحقاق الانتخابات النيابية إلى غياهب النسيان، أقله في المدى المنظور.

وفي السياق، لفتت مصادر سياسية عبر “المركزية” إلى أن حزب الله كان أول من بادر إلى زرع الألغام المبكرة على درب المبادرة الفرنسية، بعد لحظات على ولادتها. بدليل أن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد لم يتوان عن رفع بطاقة الضاحية الحمراء في وجه واحد من أهم بنود مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الانتخابات النيابية المبكرة.

وفي قراءة لهذا الموقف، أشارت المصادر إلى أن الثنائي الشيعي، المناهض الأول للثورة ومطالبها، أصاب أكثر من عصفور بحجر واحد. ذلك أن فيتو الحزب (الذي يتماشى موقفه مع حركة أمل) على أي استحقاق انتخابي يجعله مطلبا بعيد المنال، تماما كما هي الحال مع تأليف الحكومات. وهذا أمر يتيح للضاحية أن تسجل هدفا ثمينا في مرمى الثوار، كما في شباك المعارضين والنواب المستقيلين.

ونبهت المصادر إلى أن كثيرا من أطراف المعارضة كانوا راكموا النداءات إلى قيام انتخابات نيابية مبكرة تتيح للناس اختيار ممثليهم في السلطة بحرية، على اعتبار أن الصرخات الشعبية أولوية تجب الاستجابة لها من دون أي تأخير، إلى أن حلت نكبة 4 آب لتفجر نقمة شعبية كبيرة، وتدفع هؤلاء المعارضين إلى الانتقال من الأقوال إلى الأفعال. فكان أن قدموا استقالاتهم الخطية من المجلس، في خطوة أرادوا منها إحداث صدمة سياسية ايجابية تعبد طريق التغيير المنشود، وذلك بدعم من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.

إلا أن المصادر عينها، وإن كانت تعبر عن امتعاضها إزاء سياسة الأذن الصماء التي تنتهجها السلطة تجاه الناس والمعارضين،  اعترفت بأن وراء هذا التصرف، وإن كان مستنكرا، ما قد يبرره من وجهة نظر الحكم والحكومة وأهل الحل والربط. ذلك أن ثورة 17 تشرين أخرجت إلى العلن الغضب الشعبي الذي اعتمل طويلا في نفوس اللبنانيين وقد تظهر نتائجه في يوم الانتخابات. والجميع يعرفون أن أي تغيير مباغت في موازين القوى قد يعني خسارة قوى الممانعة وحلفائها الأغلبية النيابية التي تمسكها اليوم، وقد تسمح لها بفرض المعادلات الرئاسية فالاستحقاق المقبل المنتظر، مبدئيا، بعد اقل من عامين.

وهذا ما يفسر أيضا، بحسب المصادر، الفتح المبكر لمعركة وضع قانون جديد للانتخابات. وهو ما تخشاه القوى المسيحية أولا، لما قد يؤدي إليه من انفراط في التوازنات السياسية الهشة أصلا، من حيث صحة التمثيل أولا، مع العلم أن أحدا لا يشك في أن الجميع يعرفون أن لا مجال لتغيير الطبقة السياسية من دون سن قانون انتخابي جديد، وفي ان البعض يدفع في اتجاه عدم اجراء الانتخابات في موعدها لاستمرار الامساك بالاكثرية النيابية الى ما بعد الانتخابات الرئاسية.