IMLebanon

صراع عون – بري بنكهة مالية – انتخابية!

بدت جائحة كورونا وما استتبعته من إقفال عام وإلغاء للمناسبات الاجتماعية والاحتفالات الوطنية “شحمة عافطيرة” لأهل الحكم لتجنب إقامة عرض عسكري يكشف إلى العلن ما يحاول الجميع التستر عليه منذ زمن: الخلافات، أو على الأقل، الاختلافات والتباينات بين أقطاب الحكم الثلاثة. ففي وقت لا يشك احد في أن بين بعبدا وعين التينة علاقات مطبوعة بالمد والجزر، فإن الأمور لا تختلف كثيرا بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. بدليل أن الأخير قاطع بعبدا نهائيا منذ استقالة حكومته، وما عاد يلتقي رئيس الجمهورية، إلا على هامش اجتماعات المجلس الاعلى للدفاع. غير أن الأدهى أن غياب العرض العسكري في عيد الاستقلال، انعكس غيابا تاما لأي نوع من أنواع التواصل بين “الرؤساء الثلاثة”، حتى لمجرد الالتقاء في قصر بعبدا في ذكرى الاستقلال لتأكيد استمرار وجود الدولة، ما أظهر حال الاهتراء المستشري في أروقة الدولة اللبنانية، فيما هي في أمس الحاجة إلى الظهور متماسكة، على الأقل في الشكل، في هذه المرحلة الدقيقة.

على أي حال، فإن مصادر مراقبة لا تستغرب هذه الممارسات، على اعتبار أنها تحمل رسائل سياسية يصر المعنيون على تبادلها في وقت تئن البلاد تحت أثقال واحدة من أخطر ازماتها الوجودية.

وتلفت المصادر عبر “المركزية” إلى أن هذه الأجواء المتشنجة التي رافقت عيد الاستقلال أتت فيما تتقاذف الرئاستان الأولى والثالثة كرة التعطيل الحكومي، من دون أي أفق للخروج من هذا النفق. بدليل أن رئيس الجمهورية عاد إلى الكلام عن معايير موحدة في التأليف، في انتقاد صريح للرئيس المكلف سعد الحريري، يطال بشظاياه رئيس المجلس الذي شارك في ممارسة الضغط على الحريري لإبقاء وزارة المال في يد الطائفة الشيعية. وقد نال الثنائي مبتغاه، ليعود بري ويؤكد في تصاريحه المتعاقبة أن ليس لديه مشكلة في تشكيل الحكومة، وهو الموقف الطبيعي بعد تلبية مطالبه قبل إطلاق عجلة المفاوضات بشكل رسمي.

غير أن المصادر نبهت إلى أن الرد أتى سريعا على لسان المعاون السياسي لبري، النائب علي حسن خليل، في مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماع المكتب السياسي لحركة أمل، في سابقة نادرة، يحمل معاني سياسية كثيرة تؤكد دوره المحوري في دائرة بري اللصيقة، على رغم العقوبات الأميركية عليه. وكان خليل قد انتقد ما سماه “رفع شعارات المساواة” لتأخير تأليف الحكومة. وفي ذلك رد صريح على “وحدة المعايير الحكومية” التي ينادي بها ثنائي بعبدا- ميرنا الشالوحي.

وفي هذا السياق “السريع العطب”، تضيف المصادر، انفجر صاعق انسحاب شركة التدقيق الجنائي من العقد الموقع مع وزارة المال، بينما يجهد الرئيس عون ليجعل مكافحة الفساد معركته الأولى في الجزء الأخير من ولايته، مع العلم أن أي جلسات نيابية لم تعقد لبحث اقتراحات القوانين المتمحورة حول تعليق السرية المصرفية. بدليل أن الرئيس بري فضل إعطاء الأولوية لدراسة اقتراحات قوانين الانتخاب، على الرغم مما يثيره هذا الموضوع من حساسيات، خصوصا مع الجانب المسيحي والرئيس عون، على تعبيد طريق التدقيق المالي الجنائي. رسالة تؤكد المصادر أن عون فهمها جيدا، وذهب إلى استخدام صلاحياته الدستورية، فنقل الكرة إلى الملعب المجلسي برسالة وجهها إلى النواب عبر بري. ولأنه لاعب سياسي محنك وذو باع طويل في الممارسات اللبنانية، رد بري سريعا بالدعوة إلى جلسة نيابية تخصص لقراءة الرسالة الرئاسية يوم الجمعة المقبل. وبذلك حاول رئيس المجلس غسل يديه من تبعة تعطيل عملية التدقيق الجنائي، في موازاة فتح معركة “إلهاء القوى المسيحية” بقانون الانتخاب الجديد… في انتظار ردة فعل بعبدا والدائرين في فلكها، ليبدأ الشوط التالي من مباراة الرئاستين.