IMLebanon

نقاشات قانون الانتخابات… “حرتقة” في الوقت الضائع

كتبت كلير شكر في صحيفة نداء الوطن:

ينام رئيس الحكومة الزرقاء سعد الحريري على “خرزة زرقاء”، وفي جيبه التكليف. فيما يتصرف العهد بكثير من البرودة مع انسداد الأفق الحكومي ملقياً طابة العرقلة في ملعب خصومه. أمّا الثنائي الشيعي فيضع رجليه فوق بعضهما البعض، ويترقب التطورات من دون أن يقدم على أي تدخّل قاطع.

في هذه الأثناء، احتل ملف التدقيق الجنائي حيزاً بارزاً من اهتمام القوى السياسية لا سيما “التيار الوطني الحر” الذي قرر خوض هذه المعركة بكل الأساليب المتاحة، ولو أنّ الجميع كانوا يدركون سلفاً أنّ العقد الموقع مع شركة “ألفاريز” سرعان ما سيوضع في سلة المهملات، بحجة عدم القدرة على كسر قانون السرية المصرفية. وهذا فعلاً ما حصل.

ولكن يبدو أنّ الحملة التي يخوضها العهد في هذا الشأن استفزت رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفق بعض المتابعين، خصوصاً أنّ الحملة تستهدف محور المنظومة العتيقة التي تضمّ بشكل أساسي كلاً من نبيه بري- سعد الحريري- وليد جنبلاط، ما دفعه إلى صبّ الزيت على نار تعديل قانون الانتخابات وتسريع وتيرة النقاش حوله ودفعه الى الواجهة، في توقيت ملتبس أثار الكثير من علامات الاستفهام.

يقول المتابعون إنّ تعديل قانون الانتخابات هو كأس ستتجرعه القوى السياسية عاجلاً أم آجلاً، ولكن توقيت طرحه في هذه اللحظة بالذات لا ينمّ عن إرادة حقيقية في نفض القانون وتصويبه، كون هذا الأمر يحتاج الى نضوج ظروف سياسية محلية واقليمية، هي غير متوفرة راهناً. ولذا فإنّ ما يحصل هو مجرد مناورة سياسية لمواجهة الاتهامات التي يقودها العونيون وقد انضمت اليهم “القوات” حديثاً في ما خصّ ملف التدقيق الجنائي، ولتذكيرهم أنّ قانون الانتخابات هو الذي منح القوى المسيحية كتلاً نيابية كبيرة، ويمكن لأي قانون جديد أن ينزع منهم هذا الامتياز.

فعلياً، قد تكون “القوات” أكثر القوى السياسية تمسكاً بالقانون الحالي لكونها مقتنعة أنّه سيتيح لها تكبير حجم كتلتها النيابية في المستقبل، ولذا ترفض تعديله أو الانقلاب عليه خصوصاً وأنّ البديل لن يكون حتماً لمصلحتها. وهذا ما قاله رئيس الحزب سمير جعجع بصراحة لرئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط خلال عشائهما الأخير.

في المقابل، فإنّ “التيار الوطني الحر” غير معجب كثيراً بهذا القانون، لكنه يخشى فتح باب التعديلات كي لا تأتي النتيجة كما لا تشتهيه سفنه، ولهذا يتريث كثيراً قبل أن يقول كلمته ويضع خطة مواجهة هذا الاستحقاق. والأرجح أنّ “التيار” مقتنع أنّ معركة بهذا الحجم لا يمكن خوضها أو تبيان مسارها قبل اتضاح صورة المخاض الاقليمي الذي سيرسم مستقبل المشهدية اللبنانية.

في المقابل، فإنّ الحريري أكثر الكارهين لهذا القانون، يشيح بنظره، ولو موقتاً، عن هذا الملف ليحصر تركيزه بالملف الحكومي الذي سيحدد مصيره على المدى القصير، ومن بعدها لكل حادث حديث. كذلك الأمر بالنسبة لرئيس مجلس النواب الراغب في التخلّص من هذا القانون لاعتبارات تخصّ حضوره في المناطق الشيعية. أما رئيس الحزب”التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي كان من أبرز رافضي القانون الحالي، فيعرف جيداً أنّ ملفاً بهذا الحجم لا يعالج باجتماعات اللجان المشتركة. في الواقع، فإن تصدي “حزب الله” لطرح الانتخابات المبكرة، لاعتبارات تتصل بالحليف البرتقالي خشية من تراجع عديد كتلته النيابية، ما أدى الى موافقة الفرنسيين على شطب هذا البند من مبادرتهم، أضاف الماء البارد على نقاشات القانون الانتخابي. هكذا أسقطت صفة الاستعجال عن النقاش، وترك الملف إلى مراحل لاحقة.

ولكن وضع القانون الحالي على مشرحة التعديل، هو كأس يفترض بكل القوى السياسية تجرعها في المستقبل القريب، ربطاً بما قد تحمله التطورات الاقليمية من تداعيات سياسية، يفترض أن يكون قانون الانتخابات عنوانها الكبير ومدخلها الأساس. ومع ذلك، يسود الاعتقاد أنّ نظام النسبية بات ثابتاً في قانون الانتخابات وثمة استحالة في العودة إلى نظام الأكثري، ما يعني أنّ حجم الدوائر والصوت التفضيلي هما اللذان سيوضعان على طاولة التشريح والتنقيح، ربطاً بالتطورات السياسية الآتية من خلف الحدود.

وفق المتابعين، فإنّ مصير قانون الانتخابات سيكون رهن معالم خريطة النفوذ في المنطقة، وفي حال رسمت التفاهمات الاقليمية حدود المنطقة من جديد، وكان لبنان جزءاً من هذه التفاهمات، فسيكون القانون الانتخابي عنوان المرحلة المقبلة محلياً. أما غير ذلك، فسيكون من الصعب جداً تعديله في العمق. كما أنّ تمديد حالة الاشتباك قد يؤدي الى تأجيل الانتخابات وتمديد ولاية المجلس الحالي.