IMLebanon

مفهوم الموت عند الطفل

كتب د. أنطوان الشرتوني في جريدة الجمهورية:

كلّ مجهول يخاف منه الإنسان. والموت هو مجهول، وسيظل غامضاً. يعتبر الطب أنّ الموت هو توقّف أداء الدماغ وتوقف المهام الفيزيولوجية في جسم الإنسان. بينما اعتبرت الفلسفة أنه ليس سوى الانفصال أو التلاقي أو العدم. بينما الدين أعطى تفسيرات مغايرة. فالمسيحية والإسلام واليهودية فسّرت أنّ الموت هو الإنتقال من حياة إلى حياة أخرى. وممّا لا شك فيه أنّ الموت هو توقف «الحياة» في هذه الدنيا وتوقف تحقيق أهدافها، هو الانتقال من حياة ربما إلى حياة أخرى أو إلى العدم. والكثير من الأطفال يسألون عن الموت: ما هو؟ ما سيحدث بعد الموت؟ لماذا يموت الإنسان؟… وأسئلة أخرى يعجز الأهل في بعض الأحيان عن الإجابة عنها بشكل علمي. قصة هذا الأسبوع عن هذا الموضوع الدقيق. قراءة مفيدة للأهل ولأطفالهم على حد سواء.

بينما كان «هادي» يلعب في غرفة الجلوس، لاحَظ أنّ سمكته الحمراء المفضّلة تَطفو على سطح الماء في حوضها.

– ربما هي نائمة!

قال «هادي» في نفسه. ثم حاول أن يوقظها، لكنها بقيت طائفة على الماء، لا تتحرك ولا تسبح. فاتجه صديقنا عند أبيه الذي كان يساعد الأم في المطبخ، وقال له:

– سمكتي الحمراء لا تتحرك أبداً.

ثمّ فسّر «هادي» لوالده عن هدوء السمكة في الماء، كما أضاف بأنها لا تسبح وطبعاً لا تأكل، ويبدو كأنها لا تتنفس أيضاً بما أنها تطفو على سطح الماء. هَزّ الأب برأسه ثم قال لابنه:

– فلنذهب ونر ما الذي يحدث. ربما السمكة مريضة أو ربما لم ترها جيداً أو حتى ربما تكون قد ماتت!

توجه «هادي» مع أبيه إلى غرفة الجلوس، وجلسا بقرب بعضهما بعضاً، حيث حمل الأب حوض الماء ليرى السمكة بوضوح. ولم تمر عدة دقائق، حتى قال لابنه:

– السمكة الحمراء ماتت يا «هادي»!

لم ينتظر صديقنا الصغير تفسيرات والده، بل بدأ بطرح الأسئلة وهو حزين وغاضب:

– لماذا ماتت؟ كيف ماتت؟…

إبتسم الأب لابنه ابتسامة خفيفة، وقال له بكل هدوء:

– إنني أتفهّم حزنك وغضبك يا بني! ولكن هذه هي الحياة! سمكة تموت وسمكة أخرى تعيش. لا يمكن لجميع السمك أن يبقى على قيد الحياة وإلّا لن يكون هناك مكان للمخلوقات الأخرى.

فهم «هادي» جيداً تفسيرات والده الذي أضاف:

– وهناك عدة أسباب لكي يموت السمك أو أي كائن حَي كالحيوانات الأخرى أو النبات أو حتى الإنسان.

ثم طرح «هادي» سؤالاً أخيراً على والده الذي أخرجَ السمكة الحمراء من الماء، ووضعها على محرمة ورقية ولَفّها بترتيب:

– وإلى أين ذهبت السمكة؟

فردّ الأب وهو يتّجه مع طفله إلى حديقة البيت:

– ذهبت إلى المكان التي أتت منه. ولكن لا أدري من أين أتت، فهناك الكثير من الأمور التي لا أعرفها.

ثم نَبش الأب في الأرض، وحَضّر مكاناً لوضع السمكة فيه. وعرف «هادي» بأنّ جميع الكائنات تموت، ولكن جميعها تعطي الحياة لكائنات أخرى، مثل السمكة التي ماتت ولكنها أعطت الحياة لسمكات أخريات.