IMLebanon

أي اصلاح يمكن توقعه من منظومة تتقاذف تهم الفساد؟

من فوق السطوح، مرة جديدة، تتقاذف القوى السياسية الجالسة في قمرة قيادة سفينة البلاد المشلّعة، تهم الفساد وحماية الفاسدين. بواسطة وسائل الاعلام الناطقة باسمها، تدور اليوم الحربُ هذه، وهي تشتعل حينا وتخبو حينا، حسب الحاجة، وآخر جولاتها سجّلت امس. و”المفارقة” المضحكة المبكية هنا، ان المتصارعين فيها، يُفترض ان يكونا في الخندق نفسه، اذ انهما ركنان اساسيان في الفريق الحاكم: رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه السياسي من جهة، ورأس السلطة التشريعية من جهة ثانية، و”حزبُ الله” الرابط بينهما.

فوفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، انفجار الخلاف بين بعبدا وميرنا الشالوحي وعين التينة، أتى بعد اعتمال دام اسابيع، أثار خلالها “البرتقالي” عبر اعلامه ووسائل “تدور في فلكه”، ملفات فساد تطال مقربين من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ربما لأن بعبدا  لم “تهضم” خطوة سيّد “عين التينة”، اثر ارسال الرئيس عون رسالة الى المجلس في شأن التدقيق الجنائي، حيث أصر على توسيع نطاقه ليشمل ايضا كل الوزارات والادارات، غامزا من قناة وزارة الطاقة التي “أدارها” التيار الوطني الحر منذ سنوات. فقررت “أمل” امس الرد على هذه “الهجمة” العونية، بعنف، واستفادت من مواقف عون امام المجلس الاعلى للقضاء للقنص المباشر على بعبدا، بقصف من العيار الثقيل جاء فيه  ‏‏”يقول الخبر إنّ فخامة رئيس الجمهورية التقى مجلس القضاء الأعلى ‏ورئيس المجلس الدستوري، ودعا إلى تفعيل العمل القضائي وعدم ‏التأثر بحملات تستهدف قضاة… إلى هنا لا خلاف. الخلاف يكمن في ‏صيف وشتاء تحت سقف واحد، ما يطرح جملة تساؤلات مشروعة لا ‏تحتاج إلى الكثير من البحث والتحري”. أضافت: “ولأنّ العدل أساس كل ‏عهد، نسأل: من يا فخامة الرئيس أول مُستهدفي القضاء؟ من عَطّل ‏التشكيلات القضائية؟ ما هي الأسباب الخفية لهذا التعطيل؟ ‏ولمصلحة من؟ مَن يا فخامة الرئيس يريد أن يصيب الجسم القضائي ‏بالشلل؟ وهل هكذا يتم تفعيل حصن العدالة الأول والأخير؟ من يخنق ‏التشكيلات التي تشكّل أوكسيجين، ليس الحياة القضائية فحسب، بل ‏الوطنية… ثم تقولون للقضاء وهو يختنق إنّ دوره اساسي في عملية ‏مكافحة الفساد وإحقاق الحق والعدالة. خطوتكم بِرَد التشكيلات لم ‏تفاجئ أحداً حينها لأنها كانت متوقعة، أمّا اليوم فالعجب كل العجب ‏ممّن يتحدث بلغة الحريص فيما هو نفسه من سَطّر مضبطة إعدام ‏للقضاء.‏ فعلاً يحيا العدل وكان الله في عون كل مظلوم يواجه ازدواجية ‏الموقف”.

هذا المشهد – “المسخرة”، وفق المصادر، يؤكد المؤكد لدى الرأي العام المحلي والدولي، بأن هذه الطبقة منغمسة في الفساد من رأسها الى أخمص القدمين، وأنها تتعامل مع مطلب محاربته بكيدية من جهة، وعلى “القطعة” من جهة ثانية، وفق ما يناسبها ويناسب تحالفاتها وخلافاتها السياسية. فأي اصلاح يمكن انتظاره من هذه المنظومة، ومن الحكومة التي ستتألف منها، اذا تمكّنت من تجاوز خلافاتها؟ الكلّ سحب يده من الطغمة الحاكمة في الداخل والخارج، وقد اعتبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ يومين ان “اللبنانيين لا يمكن ان يبقوا رهينة هذه الطبقة”. من هنا، الى اين؟ اهل البيت الواحد يعرّون بعضهم بعضا، فهل تكون نهايتهم على أيدي بعضهم بعضا، بعد ان أخفقت الثورة من ناحية، والضغوط الدولية من ناحية اخرى، في اطاحتهم؟