IMLebanon

قانون الانتخاب.. سلاح بري في مواجهة عون والتيار؟

في الجلسة الأخيرة التي عقدتها اللجان المشتركة لبحث اقتراح قانون الانتخاب الذي قدمته كتلة التنمية والتحرير (النسبية على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة) قبل أكثر من أسبوعين، اعتد الثنائي المسيحي، أي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، بنجاحهما مرة جديدة في قذف الملف إلى غياهب المواعيد المجهولة، في ضوء الانقسام العمودي الذي يثيره هذا الملف الحساس والذي يعتبر كثيرون أنه عاد إلى الواجهة في توقيت خاطئ وشديد الخطورة، بينما من المفترض أن تكون الأولوية للمشكلات المالية والاقتصادية والاجتماعية. إنه هدف سجله الأفرقاء المسيحيون في مرمى رئيس المجلس. لكن هذا كله كان قبل أن تتوتر الأجواء على خط بعبدا- عين التينة، بنيران الهجوم الذي شنه الاعلام المقرب من الرئيس بري على رئيس الجمهورية، على خلفية التشكيلات القضائية، مع العلم أن الرجل لم يأت على ذكرها أمام وفد مجلس القضاء الأعلى الذي زاره قبل أيام.

وبينما لا يشك أحد في أن  هذا التوتر سيترك آثاره غير الحميدة على المشهد المحلي، تحذر مصادر سياسية عبر “المركزية” من أن قانون الانتخاب قد يضاف هو الآخر إلى ما يمكن تسميتها “عوامل تفجير” العلاقة المتوترة بين الرئاستين الأولى والثانية. ذلك أن أي جلسة مقبلة ستخصص للنقاش في هذا الملف لن تكون منفصلة عن السياق السياسي الذي ستأتي في إطاره، إنطلاقا من أن الهدنة الهشة بين الطرفين لم تصمد إلا لأسابيع معدودة، قبل أن تفتتح جولة جديدة من الحرب الكلامية بينهما. بدليل أن الجلسة النيابية الشهيرة التي عقدت قبل أسبوعين للرد على الرسالة الرئاسية في شأن التدقيق الجنائي، حملت إشارة ايجابية من بري إلى عون. حيث أن رئيس المجلس حرص على الثناء على خطوة الرئيس لاعتبارها “أتت في التوقيت والمكان المناسبين، كما حرص على إطلاق الرسائل الايجابية في اتجاه الأفرقاء المسيحيين بعدم تحديد موعد لجلسة تعيد فتح النقاش الانتخابي ، في انتظار تبديد بعض الهواجس المشروعة”.

إلا أن المصادر أشارت في المقابل إلى أن ما خلص إليه اللقاء الأخير بين عون والرئيس المكلف سعد الحريري قد يؤدي إلى قلب المعطيات رأسا على عقب، على اعتبار أن الرئيس بري، صاحب الباع السياسي الطويل، قد يقرأ في الطرح الذي قدمه عون إلى الحريري ردا على تشكيلته المتكاملة، رسالة سياسية لا تخفي امتعاضا من “الامتياز” الذي حظي به الثنائي الشيعي، من حيث الاحتفاظ بوزارة المال، والحق في تسمية بعض المرشحين لتولي المناصب الوزارية.

وتذكر المصادر في هذا السياق بالموقف الصادر أمس عن أمين سر كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل، المعروف بندرة تصاريحه ومواقفه الاعلامية. حيث أن الرجل خرق صمته المعهود ليتهم رئيس الجمهورية بخرق الدستور، ما استدعى ردا عنيفا من المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي، وردا مضادا من الخليل.

وإلى كل هذا تضيف المصادر الضربة القضائية العنيفة التي تلقتها حركة أمل من جانب قاضي التحقيق  في ملف انفجار المرفأ، القاضي فادي صوان، الذي إدعى على الرئيس حسان دياب، والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري، وزير المال السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر، بجرم الاهمال. وفي ذلك خطوة قضائية كبيرة إلا أنها لا تخلو من الأبعاد السياسية، خصوصا أن الفريق الرئاسي معروف بضغطه في اتجاه معرفة الحقيقة في هذا الملف، في محاولة لاحتواء الغضب الشعبي الذي فجرته الكارثة.

إنطلاقا من كل هذه الاعتبارات، لا تستبعد المصادر أن يبادر بري إلى إعادة طرح موضوع قانون الانتخاب على بساط البحث لأسباب عدة، أولها إلهاء المسيحيين بالسجالات والتوازنات التمثيلية، وهي احد أكبر همومهم، وثانيها إشاحة النظر عن المعركة القضائية التي فتح فصل جديد منها أمس، وثالثها الرد على الامتعاض الرئاسي في الملف الحكومي، مع العلم أن الاقدام على خطوة كهذه يعني أن رد بري سيكون قاسيا، ويطال العهد في أوتاره الحساسة، ما يرفع من منسوب سخونة المواجهة بين بعبدا وعين التينة في المرحلة المقبلة.