IMLebanon

الحكومة والتغيير الأميركي: لعبة عض الأصابع في المجهول

يمضي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في هجومه غير المسبوق، من حيث الحدية، على معرقلي تأليف الحكومة الجديدة، وهو ما ارتكزت إليه العظة العنيفة التي ألقاها بعد تصعيد شديد اللهجة طبع رسالة الميلاد وقداس العيد. بالنظر إلى السياق السياسي الذي أتت في خضمه هذه المواقف، فإنها قد لا تعتبر جديدة أو مستجدة. غير أنها تميزت في أنها حملت هذه المرة قنصا مباشرا في اتجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كما في اتجاه حزب الله، من منطلق ربط الاستحقاقات اللبنانية برزنامة الأحداث الخارجية، على رأسها انطلاق ولاية الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، مع العلم أن في ذلك رهانا محفوفا بالمخاطر السياسية غير المحسوبة النتائج.

وفي السياق، تشير مصادر سياسية عبر “المركزية” إلى أن هذا الربط الذي قد يجده كثيرون غير منطقي ينطلق من اعتبار أن بايدن، الرئيس الديموقراطي، قد يقارب الملف النووي الايراني، من زاوية تناقض تلك التي ركن إليها سلفه الجمهوري المثير للجدل دونالد ترامب. فبدلا من استخدام العقوبات سلاحا في مواجهة طهران، قد يعمد بايدن إلى جرها مجددا إلى طاولة المفاوضات.

وفي الوقت المستقطع، يصر أصحاب نظرية الانتظار الأميركي هذه على وضع العصي في الدواليب الحكومية، بدليل أن المسعى البطريركي الأخير تعرض لنكسة كبيرة دفعت الراعي إلى رفع سقف المواجهة، والانتقال من مرحلة التلميحات الضمنية إلى زمن تسمية الأشياء بأسمائها.

وتذكّر المصادر أن البطريرك الراعي استهجن ربط تشكيل الحكومة في لبنان باستحقاقات عالمية، لافتة إلى أن بين سطور هذا الموقف الحاد هجوما في اتجاه ايران وأذرعها المحلية. لكنها تنبه إلى أن من يراهنون على سياسة أميركية جديدة مع دخول الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض فاتتهم معطيات كثيرة أولها أن قضايا كبيرة بحجم خيارات واشنطن في الشرق الأوسط لا تستند إلا إلى سياسات يرسمها كبار أركان الادارة الأميركية، وهي لا تتعلق تاليا بقرارات شخصية من الرئيس. بدليل أن إدارة الرئيس الديموقراطي أيضا باراك أوباما واجهت سلاح حزب الله وسطوته بأسلوب تعزيز قدرات الجيش اللبناني، على سبيل المثال لا الحصر.

تبعا لذلك، تؤكد المصادر أن لا شيء يشير إلى أن السياسة الأميركية في لبنان قد تسجل تغييرا جذريا تحت إدارة بايدن، خصوصا أن واشنطن تلتقي مع المجتمع الدولي على مواجهة النفوذ الايراني ومكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين، دعما لما يطالب به الثوار منذ أكثر من عام، ما يعني أن إقامة ربط بين التغيير الأميركي وفك أسر الحكومة ليس إلا محاولة لإطالة أمد مرحلة فرض الشروط والشروط المضادة.