IMLebanon

انفجار المرفأ.. القضاء خشبة خلاص اللبنانيين الأخيرة

وسط انسداد الافق السياسي في شكل شبه تام، واستفحال الكباش الحكومي بين المعنيين بالتشكيل وانتقال الملف الملتهب هذا الى العام المقبل، وسط تداخل عوامل محلية واقليمية في اوراقه يجعل توقّع تحريره في المدى المنظور، امرا صعب المنال، وسط هذه المعطيات السلبية كلّها، التي تؤكّد المؤكد لدى اللبنانيين، بأن انتظار الخلاص من الطبقة السياسية هذه ضرب من الجنون، تتجه عيون هؤلاء وقلوبهم نحو السلطة القضائية.

فبحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، الجسم القضائي بات اليوم خشبة الخلاص الاخيرة التي يتمسّك بها الشعب المقتول المشرّد المنهوب، ويراهن عليها لتستعيد له حقوقه ممّن اعتدوا عليها على مدى عقود، دونما حسيب او رقيب… فهل يكون رهانهم في مكانه؟ الجواب سيتظهّر في الايام، لا بل الساعات القليلة المقبلة. كيف؟

في القرار الذي ستتخذه محكمة التمييز  في شأن طلب النائبين المطلوبين للعدالة، علي حسن خليل وغازي زعيتر اليها ، عبر وكلائهما، لنقل الدعوى من المحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي فادي صوان إلى قاضٍ آخر بسبب “الارتياب المشروع” والتشكيك في حياديته. وقد دفعت هذه الخطوة، القاضي صوان، الى وقف التعقبات بحق المدعى عليهم بمن فيهم رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، بانتظار بتّ محكمة التمييز في دعوى كفّ يده. الجدير ذكره، ان اليوم، تنتهي مهلة الايام العشرة التي يجب خلالها ان تقدّم الاطراف اجوبة على طلب نقل القضية من يد صوان، غير انها لم تبادر كلّها بعد الى تقديم اجوبتها، ولذلك لم تبدأ محكمة التمييز بعد، بدرس الملف لبت موقفها، سلبا ام ايجابا.

لكن في الانتظار، تتابع المصادر، السلطةُ القضائية تتعرّض لضغوط سياسية كبيرة، لتنحية صوان وازاحته عن مشهد التحقيقات بعد ان تجرّأ على الذهاب بعيدا في قراراته، موجّها التهم الى سياسيين لا الى شخصيات تعنى بالشق التقني والاجرائي- العملاني في جريمة 4 آب… فهل سترضخ لها ام ستنتفض لنفسها ولاستقلاليتها وللبنانيين، وترفض هذه الضغوط وتعيد صوان الى منصبه؟

هذا هو الامتحان الحقيقي الكبير، تضيف المصادر. فاذا أُبعد صوان، ستشكّل هذه الخطوة نقطة – لا بل رصاصة – تسدّدها المنظومة في “صدر” القضاء والعدالة، وفي قلوب اللبنانيين المعوّلين على السلطة القضائية كآخر صرح قادر على حمايتهم واسترداد حقوقهم. أما اذا قضت باستمراره في تحقيقاته، فإن قرارا بهذا الحجم، سيشكّل بارقة امل حقيقية بأن لبنان لا يزال قادرا على النهوض من جديد من كبوته، وان القضاء – وهو اساس الملك – سيشكّل حجر زاوية عملية النهوض هذه. فتمرّد هذه السلطة على سطوة السياسيين، سينعش الآمال بأنها ستكون قادرة في المستقبل ليس فقط لكشف ملابسات انفجار 4 آب، بل للنظر بجدية وموضوعية في ملفات السرقة والفساد والنهب، وما أكثرها، تمهيدا لتحديد المسؤوليات ولمحاسبة الضالعين فيها، من منطلقات حسيّة وفعلية لا من زوايا كيدية – سياسية منحازة ضيقة.

القضية بهذا الحجم، تتابع المصادر، ولا تتعلّق فقط بابقاء قاض في موقعه او استبداله بآخر. هي قضية مستقبل وطن وقابليته للاصلاح والانقاذ والحياة في ذكرى مئويته الاولى…