IMLebanon

هل يقول نصرالله للحريري… كفى؟

 

يعود لبنان، المنهك، المتهالك، إلى «الجحر» غداً وحتى الأول من فبراير المقبل، في إجراء هو الرابع من نوعه منذ فبراير الماضي، حين سددت الجائحة ضربتها الأولى في بلاد تقاوم بـ«اللحم الحي»، بفعل تكاتف أزمات هائلة، مالية، نقدية، اقتصادية وسياسية على «الوطن الهش»، المتروك ورقة في مهب التطاحن في الإقليم المفتوح على لعبة التفاوض بالنار في أكثر من ساحة.

وبدا قرار الإقفال العام ومنع التجول الليلي والحد من حركة المطار وتقييد دخول المسافرين واعتماد نظام «المفرد والمزدوج» لحركة المركبات، بمثابة الشر الذي لا بد منه بعدما كانت السلطة فتحت الأبواب أمام «كورونا» أيام الاعياد «الحزينة» بتشريعها السهر في المرابع والمطاعم والحانات وتركها حركة المطار على غاربها، قبل أن يسجل الرادار الوبائي ضربات موجعة وقاسية تهدد بما هو أسوأ وأخطر.

 

وشكل قرار الإقفال للمرة الرابعة ما يشبه «تجرع السم» في بلاد محطمة اقتصادياً ومهشمة مالياً في ظل دولة «مفلسة» غير قادرة على التعويض على مواطنيها المحتجزين في بيوتهم، ووسط تقديرات تؤشر إلى أن خسائر القطاع الاقتصادي في مدة الإقفال تقارب المليار دولار، رغم لائحة الاستثناءات العريضة التي يشملها الإجراء والتي تضع جدوى الإقفال على المحك.

واللافت في التدابير التي سيصار إلى اعتمادها بدءاً من غداً، بعدما خرج «كورونا» عن السيطرة وبلغت مع أرقامه اليومية المخيفة القدرة الاستيعابية لأسرة العناية الفائقة في المستشفيات حدودها القصوى، خفض حركة المسافرين الواصلين إلى 20 في المئة واشتراط خضوعهم لفحص P.C.R قبل ركوب الطائرة إلى بيروت وإلزامهم حجر أنفسهم في فنادق وعلى نفقتهم الخاصة، أقله لـ72 ساعة على أن يكملوا فترة السبعة أيام حجر في منازلهم.

وإذ وقع الرئيس ميشال عون على الموافقة الاستثنائية للإقفال، وعلى الموافقة على توقيع وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن الاتفاق مع شركة «فايزر» لتأمين اللقاح، عبرت لجنة الصحة البرلمانية عن ما هو أقرب إلى «الغضب» لحجم الاستثناءات في ظل قطاع صحي يئن.

سياسياً، تتجه الأنظار إلى حصيلة المشاورات التي سيباشرها اليوم، وفد من مجلس الشيوخ الفرنسي يصل إلى بيروت وعلى جدول اتصالاته لقاءات مع المسؤولين ورؤساء الكتل البرلمانية والأحزاب، في خطوة يتعامل معها البعض على أنها بمثابة «الفرقة السباقة» لمعاودة الرئيس ايمانويل ماكرون حركة هاتفه الاحمر لحض الأطراف على تغليب خيار تشكيل حكومة مهمة من الاختصاصيين لكسر المأزق الوطني الذي يعانيه لبنان.

ولم تستبعد أوساط واسعة الاطلاع معاودة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي تدليك مبادرته على خط تشكيل الحكومة، رغم الشظايا التي أصابته بسبب تعارض الخيارات بين عون والرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، إذ واظب الراعي على الضرب على الطاولة في عظاته، وهو الذي كان أعلن أنه لن ييأس.

وفي غمرة انتظار ما من شأنه تحريك المياه السياسية الراكدة، يضبط الجميع ساعاتهم على إطلالة مرتقبة للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله مخصصة لـ«كلام بلا قفازات» عن الأوضاع في لبنان، خصوصاً الملف الحكومي والواقع المالي – الاقتصادي و«كورونا» وما شابه.

وفي قراءة لموقف «حزب الله» الممسك بخيوط اللعبة، والذي يتم التعاطي معه على انه «الناظم السياسي – الامني» في البلاد، ثمة من يعتقد أن نصرالله سيقول كلاماً يوحي بأن فترة السماح لتشكيل الحكومة انتهت، في موقف يغلب عليه التشدد وموجه في جانب أساسي منه إلى الحريري، وربما يذهب إلى حد القول له «بِكفّي»، في إشارة ضمنية لدعمه موقف عون ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.

وفي تقدير من هم على بينة من خيارات «حزب الله» أن نصرالله، المصمم على الخروج من المنطقة الرمادية سيحمل الحريري مسؤولية تضييع الوقت لاعتبارات تتصل بالاطمئنان إلى خروج الرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض، على عكس الاعتقاد السائد بأن «حزب الله» دفع مركب تعطيل الحكومة من الخلف لجعل لبنان ورقة تفاوض إيرانية مع إدارة جو بايدن.

وفي رأي هؤلاء أن الأمين العام سيحرص على الدعوة إلى جلوس الجميع على الطاولة للتفاهم على الحكومة الجديدة نظراً لتعاظم الأخطار المالية والاقتصادية والصحية، وحاجة الحزب إلى الاطمئنان على بيئته، وهو الذي ينخرط في ساحات المنطقة وملفاتها.

وإذ أشاروا إلى ان «حزب الله» يتفهم الاعتبارات الخارجية التي تحرك في ضوئها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، لكن نصرالله، في أغلب الظن سيضع الحريري أمام خيارين، إما تسهيل تشكيل الحكومة، وإما فتح الطريق أمام خيار آخر.

وثمة من يعتقد ان «حزب الله» بدل من تكتيكه في مقاربة الملف الحكومي، هو الذي ترك اللعبة على هواها في اللحظة التي كان يخشى من عملية «بيع وشراء» بين باسيل والأميركيين تحت وطأة التلويح بالعقوبات على رئيس «التيار الوطني الحر»، لكنه قرر في نهاية المطاف الوقوف خلف عون وباسيل بعد العقوبات على الأخير، وتالياً الحض على الاستجابة لشروطهما.
https://www.alraimedia.com/article/1515462/خارجيات/العرب-والعالم/هل-يقول-نصرالله-للحريري-كفى