IMLebanon

تعقيدات محلية وحسابات إيرانية تهدد مفاوضات الترسيم

لا شيء في البلاد يتقدّم ويتحرّك سوى عدّاد اصابات كورونا. كل ما عداه مجمّد وفي ستاتيكو سلبي. وإلى الملف الحكومي العالق في شرك الخلافات المحلية والمصالح الاقليمية، يبدو مسار ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، هو الآخر، وُضع في الثلاجة.

بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، فإن أكثر من عامل ساهم في فرملة المفاوضات التي كانت انطلقت منذ اشهر بين الوفدين اللبناني والاسرائيلي برعاية اميركية في الناقورة. لعلّ أبرزها رفعُ لبنان سقف شروطه، وخروجُه عن الاتفاق – الاطار الذي كانت انتهت اليه الاتصالات اللبنانية – الاميركية في هذا الشأن. فهذا التفاهم، الذي عمل على ارسائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، تمّ على أساس مساحة الـ860 كيلومتراً “المتنازع عليها” في البحر. اما خلال المحادثات، فقد اعتمدت بيروت خرائط جديدة تطالب فيها بزيادة 1430 كيلومتراً مربعاً، ما يعني أن يكون نصف حقل “كاريش” الواقع في المساحة البحرية المحتلة التابعة لفلسطين ملكاً للبنان.

هذا الطرح الذي حمله الوفد العسكري اللبناني الى طاولة النقاش، رفضه الاسرائيلي تماما. ومنذ ذلك الحين عُلّقت المفاوضات. الوسيط الاميركي لم يتحرّك، تتابع المصادر، وجلّ ما فعله كان اعلانه على لسان وزير الخارجية مايك بومبيو استعداد بلاده لاستئناف اتصالاتها على خط التقريب بين الطرفين، الا ان اي اجراء عملي لترجمة هذا الموقف لم يُسجّل. إزاء هذه المعطيات السلبية، يدرس رئيس الجمهورية ميشال عون خياراته لإعادة احياء المفاوضات. فهو يصرّ على انجاز الترسيم، ويرفض تعطيله وتوقّفه لأن ذلك سيشكّل انتكاسة جديدة اضافية للعهد، هو بغنى عنها اليوم. ومن الخطوات التي قد يلجأ اليها، طرقُ ابواب الامم المتحدة لحشر تل ابيب وحثّها على العودة الى طاولة المفاوضات، وذلك عبر إعداد مرسوم جمهوري يحدّد مساحة المنطقة البحرية الخالصة للبنان التي يزعم العدو ملكيته لها بمساحة 2290 كيلومتراً مربعاً، على أن يُرسَل المرسوم إلى الأمم المتحدة لتثبيته.

غير ان هذا الخيار، الذي بحثه رئيس الجمهورية في بعبدا في آخر يوم من العام المنصرم مع الوفد اللبناني العسكري المفاوض برئاسة العميد بسام ياسين، لا يحظى برضا عين التينة، علما ان “الاستيذ”، الذي ناقش القضية منذ ايام قليلة مع وزيرة الدفاع زينة عكر (التي سبق وزارت بعبدا ايضا)، لا يستسيغ اصلا توجّه عون والقيادة العسكرية نحو تعديل قواعد الاتفاق – الاطار.

الى التخبط اللبناني – اللبناني هذا يضاف العامل الاقليمي، تقول المصادر. فحزب الله يفضّل تجميد المفاوضات في انتظار دخول الرئيس الاميركي جو بايدن البيت الابيض، علّه يتمكّن حينها من استخدام هذا الملف، تماما كما الورقة الحكومية، لمصلحة ايران، متى تدق ساعة مفاوضاتها مع الادارة الجديدة في واشنطن. ووفق المصادر، الحسابات المحلية والاقليمية هذه قد يدفع لبنان ثمنها باهظا. فالفرصة التي اعطتها ادارة ترامب لإنجاز اتفاق يتيح البدء بالتنقيب عن الغاز والنفط والاستفادة من مردودهما، قد لا يفتحها امام بيروت بايدن وإدارتُه في المرحلة المقبلة.