IMLebanon

أذونات الخروج: تجاوزات وفضائح مضحكة مبكية

كان من المفترض أن يكون الإقفال العام الثالث في لبنان في أقل من عام التجربة الأفضل في هذا المجال حتى اللحظة على الأقل، على اعتبار أن في الدول التي تحترم نفسها وناسها لا مجال لتكرار الأخطاء القاتلة والمعيبة عندما يتعلق الأمر بالناس وصحتهم وحياتهم.

لكن أحدا لا يشك في أن لبنان يُعد الأرض الخصبة لاستثناءات كل قواعد المنطق والقرارات الرشيدة والحكيمة. وليس أبلغ إلى ذلك دليلا سوى القرارات الرسمية العشوائية التي واكبت الاقفال والفضائح التي أعقبته. ففي وقت كان من المفترض أن يكون الحجر الصحي الالزامي للجميع سبيلا إلى تخفيف الاكتظاظ الشعبي في الأماكن العامة، لتخفيف نسب الاختلاط بين الناس، لاسيما أولئك الذين دق الوباء بابهم من دون عوارض جلية، قررت اللجنة المكلفة تدابير كورونا ومتابعتها إقفال السوبرماركت خلال أيام الحجر العشرة. وكان من البديهي أن ترى الناس يتهافتون على المحلات لشراء المواد الغذائية وسواها من مستلزمات الحياة. كان المشهد مخيفا إلى حد أن البعض تحدث عن “هبج” البضاعة من المحلات. لكن في هذا السياق، قد يكون من غير المنصف إلقاء اللوم على الناس بشكل كامل، ذلك أننا في بلد يتقن فيه القيمون على تجارة المواد الغذائية والأساسية فن ابتزاز الشعب في لقمة عيشه سعيا وراء الربح المادي في زمن تفلت سعر صرف الدولار… لذلك فإن من المنطقي أن يكون اللبنانيون قد خافوا انقطاع بعض المواد في خلال الحجر المنزلي.

لكن هذا لا يعفي الناس من مسؤولية أخرى، ذلك أن نجاح الاقفال يبدأ من إخلاء الطرقات بشكل تام، وهو ما لم نره أبدا، حيث إن مواقع التواصل الاجتماعي تعج بصور الشوارع المليئة بالسيارات والزحمة وكأن لا إقفال ولا من يحزنون. غير أن الأهم أن هذا النوع من التصرفات يتأتى من أن المواطن اللبناني بات بطل التحايل على القوانين والقرارات الرسمية بتشجيع مفضوح من السلطة نفسها. بدليل أن بعد ساعات على إطلاق منصة الكترونية لطلب إذن التنقل من جانب من لا يشملهم الاقفال وحظر التجول، انطلق مسلسل الفضائح ليذكرنا مجددا بأننا نعيش في لبنان، حيث لا يمكن أن ينفذ قرار رسمي من دون هفوات مرعبة. فقد اشتكى بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي من أن المنصة الالكترونية لم تواكب فعلا انطلاق العمل بقرار الاقفال. لكن الفضيحة الأكبر أن أصحاب أسماء وهمية نجحوا في الحصول – من الدولة نفسها – على إذن خروج. واعترف أحدهم عبر تويتر بأنه استحصل على اذونات تتيح له الخروج من بيته طوال النهار. كل ما في الأمر أنه غير المناطق التي يريد زيارتها، فكان له ما أراد. في المقابل، كشف آخر أنه حصل على إذن خروج لسبب أقل ما يقال فيه أنه تافه، نسي الرجل علبة طعامه في مكان عمله، ما أثار غضب أمه، فما كان منه إلا أن طلب الخروج لاستعادة العلبة.

في كل هذه الحوادث اختصار لوضعنا الفضائحي المضحك- المبكي والمخجل. ذلك أننا في دولة لا تعرف كيف تضبط التجاوزات وتمنع عن نفسها الفضائح والتهكم، فكيف لها أن تنتصر على كورونا؟