IMLebanon

قانون جديد غير مُنصف لـ”الصحّة”

كتبت مريم مجدولين لحام في صحيفة نداء الوطن:

بكلمات مستترة تارة، ومرّة ملتبسة، صيغ قانون “اللقاح”، ونوقش وتمّ تعديله على ثلاث مراحل في لجنة الصحّة. إلا أنّه، وفي حال تمّ تمريره بصيغته النهائية، لن تتكفّل وزارة الصحّة بالتعويض للأشخاص الذين قد يعانون من مضاعفات خطيرة في حال “اشتروا” اللقاح من “القطاع الخاص”، وسيتمّ التعويض فقط على من سينعم عليه الوزير في خطّة التوزيع التي لم يضعها بعد، بتلقّي “اللُقاح المجّاني” الذي اشترته الوزارة. وعليه، أيّ مواطن يدفع ثمن لقاح “كورونا” من جيبه “ما يلوم إلا نفسه”!

قبل إصابة وزير الصحّة بفيروس “كورونا”، وعد مرّات عدّة بالتواصل مع المنظّمة الدولية المستحدثة لدعم الدول ذات الدخل المحدود في تأمين 20% من السكّان باللقاحات COVAX، لكن لم يحدث اتفاق كامل حتّى الساعة، ولم يتمّ تأكيد نوع وكمّية اللقاحات التي يمكن تأمينها منهم. كذلك وعد بأنّ “اللجنة الوطنية لإدارة اللقاح” ستطرح قريباً ما سمّاه “خطة عادلة لتوزيع اللقاح” في شكل تفصيلي”قريباً”. إلا أنّه وحتّى الساعة، لم تحدّد بعد آليات توزيع اللقاح، والمؤهّلين لإعطائه للمواطنين، والمراكز التي سيعطى فيها ومواصفاتها، وسلسلة النقل والتبريد والتخزين، وغيرها من المواصفات التي تؤمّن فعاليته وحسن استعماله. وما الذي سيضمن عدم الإستنسابية في التوزيع، وعدم اعتماد الطريقة “الطائفية” والسياسية والحزبية نفسها التي اعتمدها في توزيع السقوفات المالية، عند توزيع اللقاح؟ وما الذي يمنع الوزير من تفضيل المستشفيات القريبة لـ”حزب الله” على غيرها من المستشفيات، أو حتّى استخدام سلطته التنفيذية في الإغداق على بعض المراكز الصحّية والرعائية بأعداد من اللقاح أكثر من غيرها؟ أو حتّى تهديد من يعارضه سياسياً بعدم الحصول على اللقاح؟! وعلى أي حال، لم يعد التذرّع “بانتظار القانون” قبل وضع الإجراءات المطلوبة للقاح، فمجلس النواب سيقرّ القانون اليوم “على علله”!

أخذ هذا القانون مساراً سريعاً، إذ طلبت شركة “فايزر” من وزارة الصحّة رسمياً إصدار قانون يرفع مسؤوليتها عن أيّ أضرار قد تنتج عن اللقاح لأنّه يوزع بشكل طارئ بسبب انتشار جائحة غير مسبوقة، وهو ما يحصل في كلّ الدول. وبما أنّ الوزارة بحكم تصريف الأعمال، بادر بعض المستشارين القانونيين “المحايدين” في مجلس النواب إلى كتابة المسودة، بناء على النصوص المطلوبة من شركة “فايزر”، وتدارسه عدد من النواب، وتمّت مناقشته ووقّعه 10 نواب من لجنة الصحّة النيابية، وهو يسلك طريقه كقانون معجّل مكرّر الى الهيئة العامة. إلا أنّه لا يجب أن يقرّ القانون بالصيغة النهائية الحالية، فهو يحصر المسؤولية بوزارة الصحّة ولا يغطّي “تأميناً” أي شركة خاصة يمكنها أن تستورد، علماً أنّ الكمّيات التي يمكن استيرادها من وزارة الصحّة هي نصف الكمية المطلوبة لتغطي سكّان لبنان. وهنا نسأل، هل سيتحمّل المستوردون على عاتقهم “التعويض” على أي شخص يتضرّر؟ بالطبع كلا، فالقانون نفسه يحميهم كونهم وكلاء للقاح، أي يُمثّلون الشركة المصنّعة الأمّ ويتحصّنون بحصاناتها “والعترة عالمواطن”.

والملفت في القانون، أنّه يستحدث صندوقاً، اسوة بصناديق الفساد المعهودة (كصندوق المهجرين، الجنوب، التحرّش…) توضع فيه 1% من الكلفة لتغطية أي أضرار، ويلزم الشركات الخاصة اذا استوردت (وهو مسموح لها) بدفع هذا المبلغ (وتمريره إلى المواطن) لكن من دون تغطية “هذا المواطن” في حال حصول أيّ أضرار. وهذا خطأ كبير يرتكبه مجلس النواب اذا مرّ القانون كما هو، لأنّه يضع كلّ اللقاحات في سلّة وزارة الصحّة لتخضع لاستنسابية التوزيع، وسيتفادى المواطن الإتجاه للقطاع الخاص، الذي من المفترض أن يقوم بدور “مساعدة وزارة الصحّة” في تغطية كلفة الاستيراد وتأمين الكمّيات المطلوبة. فبين المادتين الثانية والرابعة، كلّ من يأخذ لقاحاً من شركة خاصة لا يمكنه الحصول على أيّ تعويض في حال حصول مضاعفات أو ضرر. يعني اذا كان المنتج الذي سيشتريه المواطن متعاقداً عليه من شركة خاصة، لا يمكن للمواطن “الذي لم يكن محظوظاً بالحصول على اللقاح المجّاني”، المطالبة بالتعويض من وزارة الصحّة، وكان هذا موضوع نقاش طويل في اللجنة يوم الأربعاء، إلا أنّ أعضاء لجنة الصحّة من النواب اختاروا ترك أمر بتّه للهيئة العامة!… فهل فعلاً سيتغيّر شيء ما اليوم؟!

من جهته، يقول المحامي مجد حرب لـ»نداء الوطن»: «القانون سيمنح الوزير سلطة كاملة بالتصرّف بأموال الصندوق، ويعطيه سلطة «قضائية» لتضاف إلى سلطته التنفيذية كوزير حالي، لأنها تترك له وحيداً «تحديد مقدار التعويض»، فتسـلب من المواطن المتضـــرر حقّ مراجعة القضاء الإداري».