IMLebanon

التهريب الى سوريا على “عينك يا تاجر”!

في مطلع كانون الاول الماضي، اعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان البنك المركزي غير قادر على الاستمرار في دعم السلع الأساسية لأكثر من شهرين آخرين، وأن على الدولة أن تضغ خطة في ظل تفاقم الأزمة المالية. وقال “عندنا إمكانية أن نظل على الدعم لشهرين… مصرف لبنان اليوم يؤمن كل شيء تحتاجه الدولة… كل التمويل للكهرباء وللماء وللوقود وللدواء وللقمح والاتصالات”.

بعد ان تذكّر بهذا الكلام الواضح والصريح والمباشر، الذي يحمل ارقاما مقلقة وتحذيرات بقرب تجاوز الخطوط الحمر، في آن، تعبّر مصادر سياسية مطلعة عبر “المركزية” عن أسفها لانه، وفيما الوقت الثمين هذا يمر، وفيما لا جهود استثنائية تبذل من قبل اهل الحل والربط، لتشكيل حكومة تباشر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتضع قطار انتشال لبنان من ازمته الاقتصادية المالية المعيشية القاتلة، على السكة، التهريب على عينك يا تاجر، والسلع الحيوية التي يُستنزف احتياطي المركزي – اي اموال اللبنانيين وودائعهم المحجوزة في المصارف – لدعمها، تُهرّب الى سوريا عبر الحدود الشرعية وغير الشرعية، وسط عجز رسمي امني فاضح عن كبح جماح هذه الآفة التي ستسرّع حتما عملية لفظ ماليتنا واحتياطنا ، أنفاسه الاخيرة.

امس، أعاد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب زياد الحواط نشر فيديو عبر “تويتر” يظهر فيه تهريب المحروقات الى سوريا، عبر عشرات الصهاريج والشاحنات، وعلّق “إنه الالتزام التام بقرارات الحجر.. باستخفاف تام وخارج القانون يستمر التهريب. فيما الشعب اللبناني يئن من الغلاء الفاحش، مع انخفاض سريع للاحتياطي، وخطة الحكومة لترشيد الدعم غائبة. الرؤساء يفجرون تشكيل حكومة المهمة لضبط الإيقاع الانحداري ويتمسكون بالمحاصصة”.

على اي حال، بات معلوما وموثقا بعشرات الفيديوهات والصور، ان “حنفية” تهريب البضائع على انواعها الى سوريا، من الطحين الى المحروقات، وصولا الى الدواء ومرورا بالدولار، “مفتوحة على الاخر”، ولا من يبالي او يسأل… هذا الواقع المتفلّت، لم يعد بمقدور حتى مَن يؤيدون المحور “المقاوم”، اكانوا مواطنين او اعلاميين، السكوت عنه، بعد ان اكتووا بناره. ففي وقت لفت رَفعُ بعض الاعلام الممانع في الساعات الماضية صوته ضد التهريب الذي جعل المحروقات مادة شبه مفقودة بقاعا، سجّلت فاعليات اهلية وبلدية في بعلبك – الهرمل اعتراضها ايضا على الواقع المعيشي هذا، داعية قائد الجيش العماد جوزيف عون الى التصرف، لان الشحّ ما عاد يطاق ولا يحتمل.

لكن مع الاسف، تتابع المصادر، لا رهان لا على المنظومة ولا على حكومة تصريف اعمالها، لتتحرك وتوقف النزف المميت الذي يتهدد اللبنانيين في حياتهم اليومية وفي ودائعهم، كرمى للنظام السوري المحاصر اقتصاديا وماليا. فـ”لو بدها تشتي غيّمت”: الدراساتُ عن الخسائر التي يتكبدها لبنان جراء التهريب باتت بالدزينة، والصورُ والمستندات التي توثّق التهريب ايضا، تماما كما الإخبارات التي تم تقديمها امام القضاء، والاسئلة التي وجّهت الى الحكومات في هذا الخصوص، والتي بقيت كلّها من دون جدوى. فقد بات واضحا ان لا قرار سياسيا بضبط الحدود. وهذا التسيّب السياسي والميداني سيستمر الى حين تقوم حكومةٌ جديدة يُلزمها صندوق النقد بإقفال حدودها. أما اذا عادت الى السلطة، حكومةٌ شبيهة بالموجودة اليوم، فإن التهريب “باق باق باق”، تماما كما معاناة اللبنانيين على الصعد كافة، تختم المصادر.