IMLebanon

ألين لحود: “شعبنا عديم المسؤولية ومستهتر”

كتبت مايا الخوري في “نداء الوطن”:

تمرّ الفنانة اللبنانية ألين لحود حالياً في فترة التعافي من “كوفيد 19” بعد أسابيع من العوارض الشائعة التي شاركت جمهورها بتفاصيلها، بهدف التوعية ومساعدة الآخرين على فهم المراحل المرضية لهذا الفيروس. إلى ذلك لا تزال تداعيات هذا العام المأسوي تؤثر على تفكيرها وأسلوب حياتها المستجدّ كما وصفته هي. عن أحداث عام 2020 وتجربتها مع “كوفيد 19” ومشاريعها تحدثت إلى “نداء الوطن”.

“عندما أفكّر بالأحداث التي مرّت في العام 2020، يجمد تفكيري، وأستغرب كيف نتأقلم معها، كأننا أمام نظام حياتي جديد نختبره للمرة الأولى، يقول بأن ما مرّ هو مجرّد وهم فيما نقف اليوم أمام الحقيقة والواقع. لا أدري ما إذا كنت في مرحلة تعايش أو مجبورة على الصمود من دون أي خيار آخر أسوة بكل الناس. فهل تنتظرنا أحداث أسوأ بعد أم قد بلغنا أقصى السوء. صحيح أن “كوفيد 19″ هو وباء عالمي جامع، لكننا كلبنانيين نواجه أزمات كثيرة إضافة إلى هذه الأزمة”.

هكذا تختصر ألين لحود العام 2020، ولكن رغم سوداوية الواقع اللبناني، لا تزال تؤمن بتغيير آتٍ لا محال، وإن لم يكن في المدى المنظور. “فلا بدّ من أن تمر هذه الموجـة طالمــا لدينا نبض”.

إضافة إلى الأزمة الإقتصادية الخانقة والصحية الضاغطة، تعتبر لحود أن جريمة المرفأ قلبتها رأساً على عقب وقد توقّفت حياتها عند هذا التاريخ. فتقول: “صحيح أنني لا أتذكّر تفاصيل الحرب الأهلية لكنني أتذكّر “حرب تموز” والإنفجارات المتنقلة والإغتيالات الأخيرة. لكن لا يمكن وصف مشاعري تجاه هذه الجريمة. أعيش مشاعر تلك اللحظة حتى اليوم ولن أنساها بسهولة. لقد تضررنا شخصياً من الإنفجار، فقدنا إبن عمة والدي، تحطّمت منازل عمّاتي، أُصيب أولاد عمّاتي ونقلوا إلى المستشفى”. وتضيف:” إعتبرنا كل الأزمات التي نمرّ فيها لبنانياً ستزول ولا بدّ من التفكير بإيجابية تجاه الأمور كافّة، حتى وقع الإنفجار. شعرت لحظتها أن حياتي تجمّدت، فقدت القدرة على التعبير والتفكير، لأنني نشأت في الأشرفية حيث منزل جديّ وأقاربي وأزور المنطقة يومياً. فقدت الأمل نهائياً في الوطن، إلى درجة أنني سألت الله لمَ يسمح ليد الشرّ أن تؤذينا من دون رادع. وحده الله ملجأنا في هذه الظروف خصوصاً أن الوجع مشترك بين اللبنانيين كلّهم”.

كيف عبّرت عن هذا الوجع؟ تجيب:” إنطويت على ذاتي، وانعزلت عن الآخرين. تخونني دموعي مرّات من دون قصد. وجعي كبير، ولم أبلغ بعد مرحلة القدرة على التعبير فعلاً عن إحساسي تجاه هذه الجريمة. لكنني ليلة الإنفجار، صوّرت فيديو عبّرت فيه بحرقة عن مشاعري. تلقيت إتصالات لتقديم أغنية والمشاركة في نشاطات خاصة لدعم بيروت. أحترم كل من عبّر بطريقته الخاصة لكنني لا أريد المتاجرة ببيروت أو تقديم نشاط ترويجي شخصي على حساب هول الجريمة. لا طاقة لي للتحدث عن 4 آب، ولا نفسيتي تفسح في المجال أمام الغناء لبيروت أو المشاركة في برنامج حواري. أشبّه خسارتي بخسارة والد أو والدة، كأنني فقدت جزءًا منّي. لن تمرّ عليّ أزمة أصعب”.

غنيّت ليلة رأس السنة “cover” الأغنية التقليدية “happy new year”، فأي عام تتوّقعين؟ أقنعني المنتج الصديق رالف معتوق بأدائها رغم أنني أكرهها، أوّلا ليس العام سعيداً أبداً وثانياً لست بمزاج جيّد للغناء في ظل هذه الظروف. أصرّيت على عدم القيام بتلك الخطوة لكنني فكّرت بأن الناس يحتاجون ربما إلى بعض الإيجابية والأمل، خصوصًا أنني بطبعي إيجابية وأواجه الصعاب والظروف”.

إنّما رأينا أنك كنت مرتاحة في أداء أغنية وكليب “holly jolly Christmas”؟ تجيب:” هدفها مغاير، لعيد الميلاد معاني كثيرة بالنسبة إليّ تتخطى الهدايا والزينة كما ربّتني والدتي. فكرة الكليب عفوية جداً، حيث قررت تصويره في أثناء تسجيله في الإستديو، وهكذا إتصلت بمديري الفني لتزيين الإستديو بشكل عفوي وبسيط وارتديت اللون الأسود لأعبّر فعلاً عن مشاعري. منذ عامين يمرّ اللبنانيون بظروف اقتصادية صعبة تحول دون شرائهم الزينة وتأمين لقمة العيش والشعور بالعيد، خصوصاً بعد مأساة المرفأ، لكن يبقى للميلاد خشوعه ومعانيه في جمع العائلة، لذا من الجميل إضفاء محبة على الناس ولو كانوا في الشارع”.

وعمّا إذا كانت هناك مشاريع مقبلة بعد إنتهاء فترة الحجر المنزلي، تقول:” لدي مشاريع خارج لبنان، إذا سمحت ظروف “كورونا”، حيث سأشارك في أيّار المقبل، في أسبوع الموضة في كازابلانكا في المغرب. ألغيت حفلات الصيف بسبب الظروف الصحية في لبنان، كما رفضت عن قناعة تامّة إحياء حفلات رأس السنة. في حال لم تتم المشاريع المرتقبة خارج لبنان، لن أحزن صراحة لأن ما يهمني فعلاً هو الصحة، وأن تكون الأمور مسهّلة في هذا الإطار، لأنني لن أسمح بالمخاطرة بحياتي وبحياة من يرافقني في العمل”. وتضيف: “من جهة أخرى، أسمع أغنيات لبعض الشباب، لكنني لست بمزاج فنيّ حالياً. أحاول أن أكون قوية ومليئة بالطاقة الإيجابية من أجل محيطي لكنني حزينة جداً في داخلي. لا أشعر بالحياة التي اعتدنا أن نعيشها ويجب التأقلم مع النظام الحياتي الجديد”.

لحود التي تواجه منذ أسابيع “كوفيد 19″، لاحظت في 28 كانون الأول بأنها تفقد حاستَي الذوق والشمّ، فخضعت للفحص المخبري لتتلقى النتيجة الإيجابية في 31 كانون الأول. تخبر عن هذه التجربة:”لحظة العزل، تذكّرت أصدقائي الذين مرّوا بهذه التجربة، وأصدقائي الأطباء الذين أطلع منهم على مستجدات هذا الفيروس. لذلك قررت ألا تقتصر تجربتي على خبر صحافي، بل أن يستفيد الآخرون منها وأن أكسر هذا التابو، حيث يخفي بعض النجوم مرضهم خجلاً وهذا معيب. وهكذا، إستشرت طبيبي الخاص المتابع لحالتي الصحية، وأطلعت الناس على وضعي الصحي اليومي بدقّة وشفافية، فتلقيت كمّاً كبيراً من الأسئلة التي تدل في غالبيتها على انعدام ثقافي في ما يتعلّق بهذا الفيروس. لذلك قررت الإطلالة مباشرة عبر فايسبوك برفقة طبيبي للإجابة على أسئلة الناس الذين تجاوبوا وعبّروا عن ثقتهم بي واستفادوا من تجربتي الخاصة”.

وتستغرب لحود كيف لا يزال كثيرون مشكّكين بوجود هذا الفيروس وخطورته، معتبرين أنه مجرّد نزلة برد. وتدعو المصابين بالفيروس والمعزولين إلى التواصل مع من يحبّون، وإحاطة أنفسهم بمن يرفع معنوياتهم. شاكرة كل من عبّر لها عن محبّته برسائل وصلوات لأن هذه برأيها نعمة شكّلت جزءاً كبيراً من علاجها اليومي للمواجهة والصمود، إضافة إلى طريقة إعتنائها بنفسها وأخذ الأدوية اللازمة. وتضيف:”شعرت بفضلهم أن النهار يمرّ سريعاً وبسهولة. لقد أردت من خلال إطلالتي اليومية أن أقول للآخرين بأنني أشاركهم معاناتهم وأوجاعهم”.

وعمّا تعلّمته من هذه التجربة؟ “تعلمّت الصبر وأن لا قيمة للإنسان عندما يخسر صحته. نيّالنا بحياتنا التي كانت سهلة، والتي كنّا ننزعج من سخافاتها وتفاهاتها. أصبح الوقوف أمام النافذة لمراقبة الشارع نشاطاً فاخراً. تفقد الأشياء قيمتها، فلا معنى للأغراض والثياب لأن ما يهمّ فعلا هو الصمود للوقوف مجدداً والمشي مجدداً والتنفّس بتلقائية من دون ألم، وأن نجتمع مع من نحبّ. تعلّمنا من خلال هذه التجربة كسر كبريائنا، وتقدير أن الصحة هي أهمّ نعم الله. كما تعلّمنا مفهوم الصبر”.

ماذا تقولين لمرضى كورونا؟ “أقول لمن يشعر بالعوارض ألا يخاف لأنه يمكن علاجها ولن تستمرّ، كما أن ظهور العوارض أفضل من صمتها الذي يسبّب أحيانًا نقل العدوى عن غير قصد إلى آخرين. أدعو إلى عدم التردّد في إجراء فحص PCR وعزل أنفسهم. فهذه الشدّة ستمرّ حتما، إنما الأهم هو محاولة السيطرة على الحال النفسية في أثناء فترة المرض. يجب تقوية الذات معنوياً لأن كورونا تتلاعب بالنفسية، فإضافة إلى ضيق النفس هناك الأفكار السوداوية، ما يخفض المناعة في الجسم. أدعوهم إلى التواصل مع من يمدّهم بطاقة إيجابية وبمن يحبّون. كما لا تترددوا بممارسة الهوايات البسيطة والتواصل مع طبيب ترتاحون إليه. كما أن الصلاة مهمّة جدًا لتهدئة النفس والسلام الداخلي”.

وتأسف لحود لتحوّل السوشيل ميديا إلى ورقة نعي، وخسارة معارف وأصدقاء. مستغربة إستهتار الناس رغم أن الله وهبنا نعمة التفكير، وتضيف:” في اليوم الأول لمنع التجوّل، لم أفهم ما يقصده الناس من التزاحم في الطرقات. فهل يستفزّون أنفسهم أم الغير؟ أليست ارواحهم غالية وأرواح محبيّهم. لنستغل فترة الإغلاق لنعبّر للطاقم الطبي عن إحترامنا ومحبتنا له فنريحه قليلا وندعمه من خلال الجلوس في المنزل”.

وردًّا على من يعتبر أن الوضع الإقتصادي صعب، تقول:” كونوا منطقيين، ما نفع المال إذا كان لتكاليف علاجكم أو دفن من تحبّون؟ ضحّوا قليلا من أجل من تحبّون، إلزموا المنزل في فترة الإغلاق”. وتأسف لكون “شعبنا مستهتراً، عديم المسؤولية وأنانياً. ما من منزل إلا وتضررّ من كورونا. تبقى الكمّامة هي اللقاح في إنتظار اللقاح الفعلي، فاستخدموها وانضبّوا! معبّرة عن غضبها ممن يملأ إستمارة الإذن بهدف المشاوير والتسلية من دون وعي ومسؤولية، “ما يقودنا إلى سيناريو يتخطى السيناريوات الأوروبية”.

وتختم متمنية أن تسمح لها الظروف بالخروج من لبنان لأنها بحاجة فعلاً إلى السفر وتغيير الأجواء الضاغطة هنا لأنها تلتزم المنزل منذ وصلت إلى لبنان وتفشّى الوباء.