IMLebanon

من هو “السوبرمان” الذي سيفكك رموز حوادث طرابلس؟

على هامش الحوادث الأمنية التي شهدتها مدينة طرابلس ومداخلها في الايام الخمسة الماضية، نمت سلسلة من السيناريوهات المختلفة. وما عدا السياسية منها على “هزالتها”  وقلّة تماسكها، فان البعض مما يمكن وضعه على لائحة الامني منها لا يمكن ان “يركب على قوس قزح” وان وجد ما هو قريب من المنطق فيحتاج الى الكثير لإثباته وتفكيك رموزه.

وعليه، سيبقى النقاش مفتوحا من دون ان يقارب شيئاً من الحقيقة الى ان تحسم المراجع الأمنية والقضائية بعضا منها، ولن يتوفر اي سيناريو كامل ومتكامل الى موعد لا يمكن التكهن به. ومن هذه الخلفيات تعترف مراجع امنية عبر “المركزية” ان الأجهزة الأمنية التي شاركت في مواجهة مسلسل الأحداث لم تتوصل الى قراءة موحدة لما حصل وللمتدخلين فيها حتى الساعة وان التحقيقات التي تجريها مديرية المخابرات في الجيش وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي مع الموقوفين لم يتسرب منها شيء بعد.

وفي انتظار تلك اللحظة ليس من المستغرب ان تستمر المواجهات السياسية تعزيزا لهذه النظرية او تلك من دون ان تقدم للطرابلسيين خصوصا واللبنانيين عموما الصورة المطلوبة لتفسير ما حصل ولتجنب تكرار ما حصل. ففي اعتراف مختلف الاطراف، لابناء المدينة دور كبير في تسهيل الوصول الى الحقائق التي تخدمها ولبنان. وان بقيت الامور على حالها من الضبابية فعليهم الخشية مما يخطط للمدينة ومما هو آت في وقت قريب.

وفي المعلومات التي تضيء على بعض هذه الجوانب، كشفت مصادر اطلعت على ما دار  في اجتماع مجلس الأمن المركزي في وزارة الداخلية امس، عن ان الأجهزة المعنية باتت تمتلك صورا وافلاما عما حصل في اكثر من نقطة ولا سيما تلك التي شهدها محيط سرايا المدنية الذي تعرض للمرة الأولى لمجموعة من القنابل اليدوية التي لم يستخدمها ثوار المدينة يوما وامام مبنى البلدية التي تعرضت لعملية احراق غير مسبوقة ولم تكن محتسبة باي من التقارير الامنية الاستباقية التي تم التداول بشأنها قبل الاحداث.

والأخطر قالت الخلاصات التي تم التوصل اليها، انه من المهم جدا التوصل الى معرفة هوية ومنفذي الهجمات بالقنابل باتجاه مراكز الدولة ومؤسساتها والجهات التي وفرتها واتخاذ القرار باستخدامها في ظل المواجهة المحتدمة بين حشد المتظاهرين الشعبي والقوى الأمنية دون احتساب النتائج المترتبة عليها وما يمكن ان تتسبب به من زهق للارواح. ورغم فداحة الموقف وخطورته لم تتوفر اي معطيات سوى تلك التي تحدثت عن مجموعات من البقاع الاوسط وعكار ومناطق مختلفة من لبنان زج بها بين “الجائعين”.

وان لم يجمع المشاركون في إجتماع مجلس الامن المركزي سوى على اتهام من قاموا بها بانهم يرغبون بالمس بهيبة الدولة والمس بمؤسساتها الامنية والإدارية والقضائية فالسرايا تحوي مختلف وجوه الخدمات التي توفرها الدولة، وهو امر لم تشهده الانتفاضة في طرابلس منذ بداياتها وان المواجهة بين القوى العسكرية والأمنية ومواطنيهم من اخطر التجارب الممكنة.

وقياسا على ما هو متداول، “ضاعت الطاسة”، فاي اتهام موجه مثلا الى انصار تيار المستقبل تدحضه الهجمة التي تعرض لها منزل عضو كتلة التيار النائب سمير الجسر،  وان قيل انها مجموعات مدعومة من الرئيس نجيب ميقاتي فالتعرض لمؤسسات العزم ومنزله تنهي هذا السيناريو قبل الحديث عنه وتسويقه. وان قيل انها مجموعات مدعومة من اجهزة مخابرات خليجية فان مساعداتها في طرابلس والشمال تشهد على اقتصارها على الدعم المادي والغذائي. وان قيل ان مجموعات تدعمها المخابرات التركية  فان وجودها في المدينة لم يصل الى ممارسات امنية وعسكرية كما حصل. وان اضيف الى هذه السيناريوهات آخر قال ان وراء ما حصل افرادا فلسطينيين يمولهم القيادي الفلسطيني محمد دحلان فان المراجع الفلسطينيية في مخيمات الشمال تنفي هذا السيناريو لعدم وجود من يواليه فيها. وان قيل اخيرا ان “سرايا المقاومة” وراء ما حصل فان تعرض منازل حلفاء الحزب ومنهم النائب فيصل كرامي يبعد هذا الاحتمال وان قيل اخيرا انهم سوريون متورطون فمن يستطيع تحديد الجهة التي تستغل النازحين السوريين من قبل النظام مثلا او من المجموعات المعارضة ؟

مجموعة السيناريوهات المتأرجحة هذه ما زالت قيد الرصد وتتراوح بين ما هو “وهمي – هزلي” وبين ما هو “خطير للغاية”، خصوصا ان ثبت ان ما جرى يترجم خلافا بين قادة الأجهزة الأمنية والقيادات الطرابلسية بعد التشكيلات الأخيرة وعلى خلفية الأزمة الحكومية. وبناء على كل ما تقدم قالت مراجع امنية وسياسية ان الرهان ما زال قائما على التحقيقات الجارية وسط مصاعب توحي بان ما حصل “كوكتيل” امني وسياسي لم يرق بعد الى مرتبة توجيه الرسائل السياسية والأمنية الواضحة. وهو امر يقود الى سؤال لا جواب عليه من اليوم: من هو “السوبرمان” الذي يمكنه تفكيك رموز ما حصل؟!