IMLebanon

“الثنائي” يخاطب باريس أيضاً: براءٌ من التعطيل!

أثار البيان الصادر عن رئيس مجلس النواب نبيه بري امس، أكثر من علامة استفهام، حول شكله والمضمون. ففيما وضعه البعض في خانة رسائل وجّهتها عين التينة، باسم الثنائي الشيعي، أي نيابة عن حزب الله ايضا، الى رئاسة الجمهورية، يطلب فيها من الاخيرة خفضَ سقف مطالبها حكوميا، اعتبرته مصادر سياسية معارضة عبر “المركزية”، موجّها الى فرنسا، أكثر منه الى الداخل، تهدف من خلاله الى تبييض صفحة “الثنائي”، والى غسل يدي الحزب والحركة، من أي تهمة بتعطيل التأليف.

وقد بدا بري، من خلال مواقفه، يؤكد التزام الضاحية وعين التينة، التام، بمقتضيات المبادرة الفرنسية الانقاذية، ويبعد عن الجانبين نهائيا، اي شبهات بتمسّكهما بحكومة من سياسيين مؤلفة من وزراء يمكن للاحزاب والتيارات التحكم بقرارهم، على غرار ما كان حاصلا في حكومة حسان دياب، التي ضمّت وزراء اختصاصيين مستقلّين بالشكل لا اكثر.. المصادر تشير الى ان استقبال بري امس السفيرة الفرنسية آن غريو، ساعات بعيد البيان الذي صدر عنه، عزّز نظرية ان مواقفه، وُجهتُها باريس، لا بعبدا فقط. على اي حال، أبلغ رئيس المجلس، الدبلوماسية الفرنسية، بالمباشر، دعمه وتأييده للمبادرة الفرنسية ولضرورة تشكيل حكومة تضطلع بمسؤولية الإنقاذ والنهوض بلبنان”…

لكن هل سيترافق هذا الموقف مع حراك عملي سيضطلع به الثنائي الشيعي لتسهيل التأليف؟ أم سيكتفي، وحزب الله بشكل خاص، بالكلام الجميل هذا، من دون ان يقرنه بأي وساطة يتولاها لدى حلفائه في بعبدا وميرنا الشالوحي لدفعهما الى تليين شروطهما الوزارية، والى وضع حد لسجالهما المتمادي مع الرئيس المكلّف سعد الحريري؟

اذا كان الخيار الثاني سيكون الاقوى، تضيف المصادر، فهذا يعني ان الثنائي أراد من خلال هذا البيان، تثبيتَ وقوفه في موقع المتفرّج، “فالعقدةُ ليست عندنا كحزب وحركة، لأننا موافقان على المبادرة وجوهرها، حتى اننا نرفض استحصال اي فريق على الثلث المعطل في الحكومة. وعلى باريس، من الآن فصاعدا، ان تصبّ جهودها على مكمن الخلل الحقيقي، اي بعبدا”.

وبينما لم يتأخّر رد القصر حيث ذكّر مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية “مرة جديدة، ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لم يطالب مطلقاً بالثلث المعطل، حريص في المقابل على ممارسة حقه في تسمية وزراء في الحكومة من ذوي الاختصاص والكفاءة، يكونون موضع ثقة في الداخل والخارج، وذلك حفاظاً على الشراكة الوطنية من جهة، وعلى مصلحة لبنان العليا من جهة ثانية”، تشير المصادر الى ان ما فعله بري، هو ضربة ذكية جديدة، تضاف الى سجلّه الحِافل في السياسة، اصابت اكثر من عصفور: من جهة حشرت الفريقَ الرئاسي ودفعته الى الدفاع عن نفسه رامية كرة التعطيل في ملعبه ومظهرة اياه، امام الداخل والخارج، كالمعرقل الوحيد للتشكيل والرافض الوحيد للمبادرة الفرنسية، بعدما حصل الثنائي الشيعي على مراده وكرس حقيبة المال له. ومن جهة اخرى، والاهمّ، أبلغت باريس بضرورة وقف ضغوطها على ايران وحزب الله لانهما غير معنيين بالأزمة الحكومية، داعية اياها في المقابل، الى توجيه ضغوطها نحو مكان آخر.

وربما يدرك الثنائي ان شروط الرئيس عون ورئيس التيار النائب جبران باسيل، غير قابلة لاي تليين. وبذلك يكون التعطيل استمر (الى ان تقرّر ايران ان الوقت بات مناسبا للافراج عن الحكومة اللبنانية) وحُمّل الفريقُ الرئاسي وزرَه، ولم يوضع الثنائي او طهران، في “بوز المدفع”، تختم المصادر.