IMLebanon

بوادر صراع بين “جناحين” داخل “الحزب”!

لن ينتهي النقاش في وقت قريب حول جريمة اغتيال لقمان سليم في توقيتها وشكلها وبالطريقة المحترفة التي نفذت بها. كما بالنسبة الى كمية الرسائل التي حملتها في اكثر من اتجاه ولا سيما تلك التي تعني كل من يفكر ويقول او يعتقد بما كان يقوله ويعتقده سليم. وهو امر يفتح المجال امام مجموعة من السيناريوهات التي تتصل بالجريمة بحد ذاتها او بما يمكن ان يليها من جرائم محتملة. فكل التقارير الامنية والاستخبارية التي اطلعت عليها “المركزية” كانت تتحدث عن مسلسل جديد من الاغتيالات السياسية الغامضة والمحترفة والذي بدأ منذ فترة تزامنا مع اجواء التشنج القائم في المنطقة وتزاحم اجهزة المخابرات على تبادل الرسائل الدموية والسياسية.

من هذه الزاوية بالذات يمكن التوقف امام هذه الجريمة للبحث في خلفياتها وتردداتها المحتملة على اكثر من مستوى. كل التوقعات التي رافقت وقوع الجريمة في ساعاتها الاولى لم تكن تتوقع ردات الفعل الدولية والإقليمية التي استدرجتها قبل المحلية منها خصوصا انها بدأت تتوسع على مستوى عال من المسؤولية في اكثر من عاصمة دولية، على وقع مجموعة المشاريع التي تعد للبنان والمنطقة. وما يمكن ان تقود اليه الحروب المفتوحة بين الاحلاف الكبرى والتي تستخدم مختلف اذرعتها المنتشرة في دول المنطقة وتسخير قدراتها الهائلة التي تمتلكها في كل المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية بما فيها العلاقات الدولية.

وعليه، توقفت المراجع الامنية والسياسية امام مجموعة من السيناريوهات المحتملة حول الجريمة. فالغموض الذي ما زال يلف التحقيقات الاولية يسمح بالكثير من الترجيحات وخصوصا تلك التي يمكن التوصل اليها من خلال التمعن في وسيلة الاغتيال ومسرحها وطريقة تنفيذها المحترفة وهوية ودور الشخص المستهدف والتي يمكن الإشارة الى البعض منها على الشكل الآتي.

– توحي ردات الفعل الدولية بدءاً من بيانات وزارات الخارجية الاميركية والفرنسية والبريطانية والالمانية وما صدر عن الإتحاد الأوروبي، ان الجريمة استهدفت محورا محددا فلم يسمع احد حتى اليوم اي إدانة من “محور الممانعة” للجريمة وان صدرت بعض المواقف المتفلتة فبحذر شديد تسخيفا لحجم الجريمة وهوية المغدور.

-لم يكن لقمان سليم وجها بارزا من وجوه المعارضة للطاقم السياسي في البلاد، بقدر ما كان رافضا للامر الواقع على الساحة الشيعية بكل وجوهها. فقد اعلن اكثر من مرة رفضه للثنائية الشيعية وفقدان الصوت الثالث. ولم توفر انتقاداته الحلف الشيعي – الإيراني عدا عن المواقف التي تحدثت عن ضرورة الانفتاح على العالم الحر وتجميد القرارات والتوجهات التي قادت الى الحصار الدولي والعربي المضروب على طائفته والذي امتد ليطال اللبنانيين جميعا.

وان جرى التوسع أكثر في الوجوه الأمنية للجريمة تحتسب المراجع المراقبة وجود طرف ثالث. فان صح بان اغتيال سليم ليس بقرار من قيادة “حزب الله” فذلك لا يمنع بان يكون من خلال مواقع قوى متصارعة داخل الحزب. فهناك من يخشى من توجهات راديكالية متشددة يقودها الحرس الثوري الإيراني وله في قيادة الحزب محبذين نافذين من خلال نظرته الشاملة الى خريطة الانتشار الإيراني خارج الحدود الجغرافية للجمهورية الاسلامية الايرانية، ومحور آخر اكثر اعتدالا يدعو الى فهم خصوصيات الساحة اللبنانية التي لا يمكنها ان تحتمل ترددات المواجهة بين الاحلاف الكبرى في ظل الازمات الاقتصادية والنقدية والسياسية التي يعانيها فجعلتها الحلقة الاضعف في المواجهة الإيرانية مع الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية خصوصا والمجموعة الخليجية عموما.

ويستند اصحاب هذه النظرية الى احتمال ان يتوسع الانقسام في الداخل الإيراني بين المتشددين والمعتدلين بعدما دخلت ايران مدار الانتخابات الرئاسية. فكل التقارير العميقة الواردة من ايران تنبىء بمواجهة بين المتشددين والمعتدلين لانهاء عهد من يشبه في توجهاته السياسية التي ترجمها الرئيس المعتدل حسن روحاني والتوجه الى مواقف متشددة تتجاوز دور وتوجهات وزير الخارجية محمود ظريف. وكل ذلك يجري على خلفية ما الحقته العقوبات الاميركية بحق ايران وشمولها قطاعات النفط والصناعات الإيرانية الكبرى التي قلصت من واردات الدولة الى الحد الأدنى الذي لم تشهده البلاد من قبل.

وانطلاقا مما تقدم، هناك من يعبر عن مخاوفه من وجود صراع  ما زال مخفيا على كثر ممن ينظرون الى الإدارة الحديدية للحزب والتي تهدد اي اتجاه يدعو الى لبننة التوجهات الحزبية وحماة الوضع الداخلي من اي مشروع يمكن ان يقود الى حرب جديدة لن يحتمل لبنان واللبنانيون ايا من وقائعها لساعات قليلة وليس لأشهر. فالحديث عن الصواريخ الذكية يبدو للبعض انه سلاح سيبقى رادعا الى حين استعماله وهو ما سيقود الى عملية تدمير كاملة للوطن وليس للحزب وبيئته الداخلية فحسب.

وختاما، وبعيدا من التوسع في هذه العناوين ثمة من يخشى من ترددات جريمة اغتيال سليم على المساعي المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة على وقع النسخة الجديدة من المبادرة الفرنسية المدعومة اميركيا واوروبيا. فهل استهدفت عملية الاغتيال هذا المسار بكامله.وعليه، الجواب لن يكون بعيدا ، في الايام القليلة المقبلة ستظهر مدى صحة هذه النظرية…فلننتظر!