IMLebanon

هذه وصيّة لقمان سليم…

كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”:

قد يكون لقمان سليم بالنسبة الى كثيرين بطلاً لكنه لرشا الشقيق الذي طالما اتكأت على كتفيه وضحكت وبكت واعترفت وتذمرت وعبّرت وخافت وقررت، والشقيق يبقى أهم من كل الأساطير. رشا الأمير، شقيقة لقمان، التي ظهرت أمام الكاميرات شجاعة حتى في حزنها الهائل بكت البارحة كثيراً بعيداً عن كل العدسات. هذا هو الحزن الصامت الذي هو أقوى من كل حزن.

رشا، لم تر جثة شقيقها، لم تعرف بعد ما إذا كان قد عُذّب، ولم تمسك بيديه الباردتين وتبكي فوق صدره وتخبره عن بعاده الذي حطم قلبها ونفسها. وهو كان النفس الذي أصبحت تجلس بعده مع نفسها فلا تجدها. رشا، المرأة الأنيقة الناعمة والقوية، لا تحب ان تتحدث عن الأمور الشخصية جداً، وتستغرب كل الكلام الذي نشر عن النية في حرق جثة لقمان سليم ونثر رمادها. فهذا أمر جد شخصي، تنفيه جملة وتفصيلا. ولقمان لم يحب يوماً الخلط بين ما هو شخصي وعام. وتقول: “قتلوه ويتدخلون في مماته، وكيف سيدفن ومتى وأين. وأيّ مراسم يفترض أن تقام له وما يفترض ألّا يقام. وهم في ذلك يريدون أن يسجنوه في سجون لم يقبل الخضوع لها في حياته ولن تتم في مماته”. تتحدث رشا عن وصية كتبها لقمان، الذي كان يعرف أنه سيموت، سيقتل، وهي موجودة الآن في ثلاث نسخات واحدة لدى كاتب العدل وثانية مع زوجته وثالثة مع والدته. وهذه الوصية ستفتح بعد وصول شقيقه من الغربة. وتقول “سنفتح وصيته معا، كعائلة، وسنحترم ما يريد. أما الكلام عن وصيته بحرق جثته فتقول “هذا كلام باطل ولا أحد له الحقّ في التدخل في التفاصيل الأخرى الخاصة”.

ماذا عن العام؟ ماذا عن مراسم الدفن؟ تجيب “لقمان كان يعشق الجلوس في حديقة المنزل، حديقة محسن وسلمى ولقمان، لذا سيُدفن فيها وسنقيم له ضريحا يحمل اسمه، وسنضع حوله كثيراً من الورود التي يحبها. سنُظلل الضريح بأشجار زرعها هو” وتستطرد وهي تبكي كثيرا بالقول “كان يمضي كثيراً من الوقت في زراعة الأشجار وفي اللعب مع سبعة كلاب. كان مجنوناً بها. أتى بها لتحميه لكنه أحبها واعتنى بها ولعب طويلا معها”.

كان بيت سليم مفتوحاً دائما وسيبقى. وسيبقى لقمان حيّاً موجوداً فيه. وتتحدث رشا عن الوالدة سلمى الذي حرق موت لقمان قلبها وتقول “دعسوا” في قلبها. قتلوها قبل أن يقتلوه. ليتهم انتظروا كم سنة بعد قبل أن يقتلوه الى حين تكون قد أصبحت سلمى، بسلام، في السماء. هي ماتت قبل أن تموت”. تبكي رشا كثيرا هنا مرددة “سأشتاق له كثيراً. ليتني افتديته. ليتني متّ بدلا منه. ليتني أنا من مات لا هو. ضيعانك يا لقمان”.

“هو كان عارفا أنه سيموت لكنه كان يحب الحياة. كان يريد ألّا يموت. لم يكن شقيقي إستشهادياً بل يحب الحياة والجمال ولبنان. هو الحياة وسنحتفظ به ما حيينا حيّاً بيننا، موجودا ًمعنا في الحديقة التي أحب”.

لن تقام مراسم دينية للقمان بل ستكون جنازته مفعمة بالورود الجميلة. وتقول رشا الى رفاق لقمان وكل من أحب لقمان “ودّعوه في الحديقة، ولا تتعذبوا في شراء الورود، فدموع الأحباب ستنبت وروداً فوق ضريحه. وهو طالما أحب الأرض وكل ما ينبت في الأرض. وتنهي رشا بالقول “فلندع الزمان يحكم في من سيربح وفي من سيخسر في النهاية. والزمن طويل. والحقّ سيكون عاجلاً أم آجلاً”.

“أنا موجوعة، موجوعة جداً، ولا أستطيع أن أبكي. هو لم يحب يوما البكاء والدموع بل أحبّ الفرح وكان متيماً بلبنان”. تنهي رشا الأمير.