IMLebanon

إطار الحلّ معلَّق على “شدّ الحبال”

يزنّر لبنان هذه الأيام خليطٌ من «النار والماء» وسط ارتفاع السخونة في الساحات الملتصقة به أو تلك التي يرتبط بها عبر «الأوعية المتصلة» على تخوم لعبة «عضّ الأصابع» الفاصلة عن المفاوضات حول النووي الإيراني، في موازاةِ تَصاعُد وتيرة الحِراك الدولي والعربي الرامي لاستيلاد حكومة جديدة والذي يصطدم بالحسابات الكبرى للأطراف المؤثّرين في الواقع المحلي سواء برغبة بعضهم في إعادة التوازن إلى التموْضع الاستراتيجي لبيروت وتحييدها عن المحور الإيراني، أو بحرص بعضهم الآخر على تثبيت مكتسبات «تَراكُمية» تحكم حدود أي تراجعُاتٍ وجوهرها.

وطغى على الاهتمام اللبناني، عنوانان أمنيان – عسكريان: الأول مضيّ الجيش الإسرائيلي بمناورة «عاصفة البرق» التي يُجريها تحت عنوان «تعزيز الجهوزية لسيناريو أيام قتالية على الحدود مع لبنان»، والتي ترافق انطلاقها الثلاثاء مع تهديد وزير الدفاع بيني غانتس «بتدفيع لبنان كله ثمناً باهظاً ودماراً هائلاً»، إذا اندلعت حرب على الجبهة الشمالية.

والثاني، الاعتداء الحوثي الخطير الذي تعرّض له مطار أبها السعودي، والذي قوبل بموقف لبناني، أكد التضامن مع المملكة «في وجه أي اعتداء على سيادتها وأي محاولات لتهديد أمنها واستقرارها».

وتعاطت مصادر مطلعة في بيروت مع هذين التطوريْن على أنهما في إطار التجاذب الحاد على جبهة النووي الإيراني ومحاولات توجيه رسائل أو انتزاع «أفضليات» في رسم سقف التفاوض الذي لابد آت و«حُزْمته» التي لم يتم بعد حسْم إذا كانت ستراعي مطالب دول أوروبية وخليجية بأن تشمل صواريخ إيران البالستية وأدوارها في المنطقة وبأن تتسع مروحة المُشاركين في ما يريد هؤلاء أن يكون «اتفاق – 2».

وترى هذه المصادر أن طهران، التي تستعجل استدراج إدارة جو بايدن للعودة للاتفاق النووي عبر رفْع العقوبات وترفض أي ربْط له بملفات أخرى أو ضمّ عواصم أخرى إليه، تبدو كأنها تسعى إلى إضافة «أوراق أخذ وردّ» عبر «تفعيل» توتراتٍ لتجعل «إخمادَها» في لائحة الأثمان (التنازلات) التي توسّع هامش المناورة أمامها لحماية مشروعها الاستراتيجي، لافتة إلى أن الأزمة اللبنانية عالقة تحديداً في «شِباك» هذه اللوحة المتداخلة.

من هنا، تدعو المصادر نفسها لرصْد إذا كانت وقائعُ الأشهر الأخيرة وما رافقها من حِراك دولي قادتْه فرنسا عبر مبادرتها التي عادتْ إلى الضوء بعدم ممانعةٍ أميركية قبل أن تبرز حركةٌ عربية موازية، كرّست إطار حلّ للأزمة الحكومية في لبنان – سواء بعد حين أو في سياق توجيه «رسائل حسن نية» مبكرة – يتفيأ عنوانَ «الواقعية» الفرنسي، والأهمّ فيه حضور «حزب الله» ولو عن بُعد في تشكيلة الاختصاصيين غير الحزبيين والتي يغيب فيها الثلث المعطّل.

وتردّ المصادر هذا الترقب إلى الخشية من أن يشكّل أي تدوير زوايا لعقدة الثلث المعطّل الماثلة بقوة حالياً (يُتهَّم فريق الرئيس ميشال عون بالإصرار عليها) تَنازُلاً من «حزب الله» (ومن خلفه إيران) «من جيْب الآخرين» باعتبار أن أي تسليم بحضور الأطراف السياسية عبر أسماء «ليست معنا ولا ضدّنا» ومن ضمن آلية تسمياتٍ تبادُلية توافقية يعني واقعياً أن «حكومة المجتمع الدولي» يملك «حزب الله» وحلفاؤه الثلثين فيها، رغم اقتناع أوساط أخرى بأن الملف اللبناني أكثر تعقيداً من إمكان أن يكون «ساحة سهلة» لتنازُلاتٍ «تبريدية» في ضوء التشابُك بين الملف الحكومي والدعم المالي الذي لا خروج من الحفرة المالية العميقة دونه ناهيك عن قضية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.

وإذ شخصتْ الأنظارُ أمس إلى باريس، حيث رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، برز موقف لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وصف فيه تحالف «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بأنه «تحالف شيطاني أقحم البلد في أتون جهنم.

وكل ما يرد في بياناتهم لا أصدّق كلمة واحدة منه. والتحالف مبني على مصالح جهنمية جعلت وجودهم متعلقاً بارتباطهم هذا، فإن فكّوه فقدوا عنصر قوتهم الأساس».

وفي موازاة ذلك، يستعدّ لبنان لاستقبال أول دفعة من لقاحات «فايزر» ضدّ فيروس كورونا المستجد بعد غد على أن تُطلق الأحد حملة التلقيح، وسط تردد في أخذ اللقاح الذي لم يتسجّل على المنصة الخاصة به أكثر من 4.5 في المئة أي 296187 من السكان في 10 أيام.