IMLebanon

أزمة لبنان بين عواصم القرار… ولقاء مصري – فرنسي في باريس

بين باريس والقاهرة وواشنطن وموسكو والرياض وطهران، يدور ملف ازمة لبنان المقبل على انهيار شامل في غضون اشهر قليلة، لا تتعدى اصابع اليد على الارجح، ان لم تنتج هذه الدورة حلاً يمنع سقوط الدولة لاعادة بناء اخرى بنسخة جديدة، على ما يتوقع كثير من المحللين السياسيين الذين يعتقدون بوجود مخطط مماثل باعتبار ان الدولة اللبنانية بصيغتها الحالية لم تعد صالحة.

ففيما اهل المنظومة السياسية الحاكمة يتقاتلون في ما بينهم ويعيدون استحضار ادوات الفرقة بين اللبنانيين المغلوب على امرهم المتأثرين بالشحن الطائفي والمذهبي، وهي عدة عملهم المعهودة حينما يُحشرون في الزاوية، ومظلتهم خلاف على تشكيل حكومة، تنبري دول صديقة الى البحث عن كيفية استنباط حلّ يقي الشعب المقهور المنتقل من جنة الرخاء الى حال البؤس والعوز، مزيدا من الشرور الوشيكة. عرّاب المبادرة الانقاذية الرئيس ايمانويل ماكرون المصدوم من التعاطي السياسي اللامسؤول مع ازمة الوطن شغّل كل محركاته في الاتجاهات الدولية من دون ان يحرز اي تقدم حتى الساعة يفتح طريق مبادرته المقفل بسواتر الشروط الفئوية والمصلحية اللبنانية، وهو للغاية، يستعد على ما تكشف اوساط دبلوماسية غربية لـ”المركزية” لتنظيم اجتماع في باريس بين مسؤوليين مصريين وفرنسيين معنيين بالازمة لبحث الوسائل الممكنة لتنفيذ المبادرة واليتها حكومة مهمة من اختصاصيين غير سياسية، بعدما زار الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري كلا من القاهرة وباريس في اطار مساعيه الخارجية لحل عقد التشكيل، وقد حضر ملف ازمة لبنان بقوة خلال محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الرئيس ماكرون في باريس ابان  زيارته الاخيرة اليها.

التنسيق الفرنسي- المصري لا يقتصر على الطرفين ذلك انه يمتد الى كل موقع مؤثر في ازمة لبنان من المملكة العربية السعودية التي يتواصل معها الرئيس السيسي كما ماكرون الذي يستعد لزيارتها، الى موسكو التي دخلت اخيرا بقوة على الخط، وافادت المصادر الدبلوماسية انها ستفتح قنوات اتصالاتها مع ايران لحملها على فك ارتباط ملف لبنان بالملف النووي موضع الكباش بين طهران وواشنطن، ذلك ان البلد الصغير المنهك سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وماليا وامنيا، قد لا يحتمل الانتظار حتى موعد المفاوضات النووية غير القريب بحسب التوقعات، وقد يصبح حتى ذلك الحين ورقة ساقطة غير مجدية في اطار مقايضتها بمكاسب تتطلع اليها الجمهورية الاسلامية.

وتوازيا ، تفيد المصادر ان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف وقبيل اتصالاته منذ يومين مع عدد من المسؤولين اللبنانيين اجرى اتصالا مطولا مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، بحثا في  خلاله في العلاقات الثنائية والوضع في المنطقة لا سيما، ازمة اليمن والتطبيع العربي -الاسرائيلي والازمة اللبنانية، في اطار من التنسيق والتعاون الروسي- السعودي في المنطقة ودعم الدولتين للمبادرة الفرنسية عشية زيارة ماكرون للرياض.

وليست واشنطن حكما بعيدة من حركة الاتصالات هذه، بحسب المصادر، اذ انها على رغم انشغالاتها الكثيرة خلال فترة المئة يوم الاولى من عهد ادارة الرئيس جو بايدن ، اطلعت على الوضع اللبناني عن كثب من خلال الفرنسيين. وقد اشارت المعلومات الى ان رئيس الاستخبارات الفرنسية برنار إيميه زار العاصمة الأميركية  لتنسيق الموقفين ألاميركي والفرنسي بشأن لبنان وحصل على البركة المطلوبة للمبادرة الهادفة الى انقاذ لبنان. كما شملت شبكة الاتصالات الفرنسية حول لبنان دولة الإمارات العربيّة المتحدة، التي زارها الحريري قبل فترة، والسعودية من خلال  اتصال مع ولي عهدها.

التأثير في الحالة اللبنانية المعقدة، يتطلب وفق المصادر، مواكبة حثيثة من الخارج، ولكن حركة لبنانية ايضا، وهو ما يفعله الرئيس الحريري، اذ تشير الى انه سيستكمل جولاته الخارجية المكوكية من قطر التي يزورها اليوم لحشد الدعم للبنان والتحضير لعقد مؤتمر دولي لاعادة بناء ما تهدم لاسيما مرفأ بيروت. وتتوقع ان يزور لاحقا المانيا وبريطانيا وغيرها من الدول التي تبدي استعدادها لتقديم العون الى لبنان في مجالات عدة لا سيما الكهرباء وضبط الحدود وتعزيز القدرات اللوجستية للمؤسسة العسكرية.