IMLebanon

“شركات التأمين”.. وسيلة جديدة للضغط على القضاء؟

أكثر من نصف عام مرّ على انفجار مرفأ بيروت. ورغم اعلان السلطات اللبنانية في 4 آب الماضي ان التحقيقات ستكشف ما جرى ولو في صورة أوّلية خلال 5 ايام، انقضت 6 أشهر على الزلزال من دون التوصل الى اي أجوبة شافية حول “جريمة العصر” التي أودت بالمئات وجرحت الآلاف، شرّدت عشرات الآلاف ودمرت العاصمة.

البرودة الرسمية في التعاطي مع الملف، التي يمكن توصيفها بالتواطؤ، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، سيما اذا نظرنا الى كيفية التفاف المنظومة حول بعضها البعض ورفضِها بالاجماع، الادعاءات التي أصدرها المحقق العدلي في الجريمة القاضي فادي صوان.. هذه اللامبالاة، مثيرة للريبة والشكوك، اذ يبدو هؤلاء وكأنهم يريدون طمس شيء ما. فبحسب المصادر، قد تكون المعلومات الكثيرة التي رفع عنها النقاب في الاشهر الماضية-  والتي أشّرت كلّها الى دور للنظام السوري في عملية تخزين الأمونيوم في مرفأ بيروت، عبر رجال اعمال سوريين وروس ولبنانيين، يدورون في فلكه- تقف خلف الضغوط الممارسة اليوم، لمنع الوصول الى الحقيقة. وفي هذه الخانة، تدرج المصادر دعوة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله امس القضاء الى الكشف عن نتائج التحقيقات الفنية في الجريمة، ملمّحا الى ان في حال كان التفجير ارهابيا، فإن شركات التأمين لن تغطي تكاليف الاضرار. وكأننا به يقول للقضاء: استبعِد هذه الفرضية اذا، واظهِر ان التفجير كان “قضاء وقدرا”.

وفي رأي المصادر، من غير المستبعد ان يكون هذا السلوك المتشدد- الرافض لادانة دمشق او حلفائها المحليين، بالتسبب بكارثة ترقى الى مستوى “جريمة ضد الانسانية” في لبنان- فعل فعله في اداء القضاء الذي يبدو فَقَد بعضا من حماسته لمواصلة عملية التحري للوصول، ليس فقط الى محاكمة مَن سمحوا بدخول النيترات الى المرفأ ومَن علموا بوجوده وتغاضوا عن الموضوع ولم يسارعوا الى التحرّك لازالة المواد المتفجرة المخزنة وسط منطقة مأهولة في قلب بيروت، بل للكشف ايضا عن الجهات التي استوردت “الامونيوم” الى لبنان وطلبت انزاله في المرفأ وقد استفادت منه واستخدمته منذ العام 2013.

صحيحٌ ان المحقق العدلي استأنف منذ ايام تحقيقاته ومتابعته للملف بعد انقطاع دام اكثر من شهر،  واستمع الاسبوع الماضي الى قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، وقد استدعى غدا الخميس وزيرَ الأشغال السابق المحامي يوسف فنيانوس والمديرَ الإقليمي السابق للجمارك في بيروت موسى هزيمة لاستجوابهما كمدعى عليهما، غير ان التقارير الاستقصائية والدراسات التي قام بها صحافيون وصحف محلية وعالمية في الاشهر الماضية، تمكّنت من تركيب جزء لا بأس به من “بازل” الجريمة. وهذه الاطراف، تتابع المصادر، بالقليل المتوافر بين يديها من معطيات ومعلومات، نجحت في رسم صورة أوّلية لمسار “شحنة الموت”، ومشغّليها، ومرسليها ومتلقّيها، ما يعني انه، لو أراد القضاء اللبناني الانكباب بجدية وقوة على التحقيقات، فهو قادر على الذهاب بعيدا وكشف الحقيقة كاملة، طبعا اذا لم تتآمر عليه المنظومة الحاكمة، أو تحرفها نحو ما يناسبها.

وبعد، وفيما تتكاثر النداءات الدولية للاسراع في التحقيقات بعيدا من التسييس، تقول المصادر ان “المفتاح” الاول والاخير، لبلوغ الهدف المنشود المطلوب بإلحاح خارجيا وشعبيا، اي “الحقيقة” والمحاسبة، يتمثّل في توافر القرار السياسي. فاذا لم يكن موجودا، لن يتمكن القضاء مهما كان شجاعا ومقداما، من بلوغ الخواتيم المرجوّة…