IMLebanon

ضحايا مرفأ بيروت: شوائب لا تقتصر على الأسماء!

لم يكن انفجار الرابع من آب حدثاً عادياً تتلاشى ذكراه مع الأيام، ولن تمر ذكرى ضحاياه مرور الكرام. لوائح الضحايا أو الشهداء شهدت أخطاء لامست حد نعي الأحياء في بعض الأحيان، ناهيك عن فوضى التعداد والتكرار في الاسماء ولو بأشكال مختلفة للضحية ذاتها. ورغم هذا التكرار اصبح مؤكداً بحسب مبادرة العدالة الاجتماعية والاقتصادية “معاً” ان عدد الضحايا الذين قضوا في الانفجار هو 214 ضحية على الاقل، فيما لم تثبت وفاة عدد من الرعايا السوريين الذين ما يزال مصيرهم مجهولا.

أما القضية الأهم التي ترقى الى مستوى الفضيحة فهي وجود اربع جثث مشكوك في ما اذا كان اصحابها قضوا في انفجار المرفأ أم لا.

في هذا الاطار، يقول مؤسس المبادرة احمد مروة لـ”المركزية” ان الذين توفوا جراء الانفجار هم بشر وليسوا ارقاماً، وحتى في الارقام ظهر الاستخفاف والاهمال، لذا تحركت “معاً” لتضع لبنة في بناء العدالة عبر تخليد ذكرى ضحايا المرفأ، من اجل الابقاء على قضيتهم حية، وإنصاف أهالي الضحايا وباشرت مشروع توثيق قصص حياة وموت هؤلاء الضحايا، كل الضحايا، أياً كانت جنسياتهم أو طبيعة عملهم، عبر عملية بحث عن ذويهم، وكتابة سيرة حياة كل من قضى في الانفجار المشؤوم، فكان النتاج خلاصة احداث ومغامرات وطموحات وآمال انتهت بجريمة غدر.

سار في رحلة البحث عن ذوي الضحايا، اثنا عشر صحافية وصحافياً لم تخلُ رحلتهم من المتاعب إذ اصطدموا بشبه غياب الداتا الرسمية عن الضحايا فالاسم الثلاثي إن وجد صحيحا، لا يقترن برقم هاتف أو عنوان، وفوضى النكبة انعكس فوضى لوائح بين وزارة الصحة أو لائحة الهيئة العليا للإغاثة أو بلدية بيروت أو إحدى السفارات: كل منها تستسيغ اسماء أحاطها الكثير من علامات الاستفهام، حتى أن أمر التثبت من وفاة عدد من ضحايا الانفجار من اللبنانيين والسوريين بدا حتى الآن غير متاح، هذا عدا عن ورود اسماء في لائحة بلدية بيروت لناجين أحياء من الانفجار.

واشار مروة الى ان الشوائب “لم تقتصر عند حد الاسماء بل يكتنف الغموض حرمة الجثث”.

وأضاف: “غداة الانفجار، نقل الصليب الأحمر اللبناني أربع جثث من مستشفى رفيق الحريري إلى مستشفى مشغرة الحكومي، ادرجوا في لائحة وزارة الصحة لشهداء الانفجار في اليوم نفسه، لكنها سحبت من اللائحة اللاحقة. وابلغنا من مستشفى مشغرة أن الاسماء المكتوبة على الاكياس من الخارج كانت مغايرة لتلك المكتوبة على الجثامين. وعليه، ظهرت اسماء لا وجود لأصحابها، منها اسم طه تسوني الذي أشارت وزارة الصحة في بادئ الأمر الى أن جثته موجودة في مستشفى مشغرة. لكن الحقيقة أن لا جثة بهذا الاسم ارسلت الى براد المستشفى. ويرجح أن يكون الاسم مغلوطا، واختلط الامر على كاتبه، مع وجود جثة باسم حنة تسانا.

الحيرة والارتباك سادا على الرغم من مرور ستة أشهر ونيف على تاريخ الانفجار، وبدأ الشك يساور الصحافيين الذي عملوا على توثيق قصص الضحايا: الجثث الأربع هل تعود لضحايا الانفجار أم لا؟

 

أي تأكيد لم يصدر كي يحسم الأمور، لا شيء سوى إبلاغ (رافقه ارتباك) إدارة مستشفى مشغرة منذ أسبوعين فقط فريق العمل، أن تلك الجثث لم يقضِ أصحابها بالانفجار، وقد نقلت بسبب الدمار الذي طال مستشفى الكرنتينا الحكومي وعدد الجثامين الكبير في مستشفى رفيق الحريري.

بدأ البحث عن ذوي الجثامين الاربعة، فوصل الى عائلة آرام دير سركيسيان التي استلمت امس الاول جثته متحللة. العائلة تؤكد ان آرام الذي يعيش في برج حمود يسير كل يوم نحو المدور مرجحة مقتله في تلك المنطقة يوم الانفجار، إذ ان هاتفه كان ما يزال يرنّ لكنه لم يجب على اتصال اخيه كريكور. بقي أمر الجثث الثلاث الأخرى غير مبتوت. كيف لسلطات رسمية إهمال مثل هذه الجثامين حتى اليوم؟

هذا السؤال وجهته “المركزية” الى مدير مستشفى رفيق الحريري فراس الابيض وما تزال تنتظر جلاء الصورة.