IMLebanon

التعافي الاقتصادي-المالي: الحلّ “سياسي” قبل أي شيء آخر!

كان لافتا للانتباه موقف أطلقه رئيس الجمهورية ميشال عون امس خلال استقباله وفدا من المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان “ايدال”، أكد فيه لضيوفه ان “الاقتصاد اللبناني سوف يستعيد عافيته وعند ذلك تكون المؤسسة جاهزة للتفاعل الايجابي مع مشاريع النهوض الاقتصادي، لا سيما منها تشجيع الاستثمارات التي تدخل في صلب مهام المؤسسة”، وذلك عقب عرضه “للظروف التي مرت بها البلاد وانعكست سلبا على الاوضاع الاقتصادية والمالية وزادت من خسائر الدولة والتراجع في ايراداتها، ما رفع العجز ، فضلا عن الظروف الصحية التي نتجت عن جائحة ” كورونا” وتداعيات النزوح السوري على مختلف القطاعات اللبنانية”.

هذا الكلام الذي أثار موجة ردود فعل على مواقع التواصل الاجتماعي وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، أتت بمعظمها متحسّرة، لا يمكن الا ان يكون له هذا الوقع محليا ودوليا. فبحسب المصادر، أقلّ الناس إلماما بالشأن المالي، يعرفون تمام المعرفة ان ابرز العوامل المؤثرة في الاقتصاد، في بلد كلبنان، هي السياسة. فبقدر ما تكون الاوضاع على الصعيد السياسي مستقرة، بقدر ما يكون الاقتصاد مستقرا.. واليوم يُعتبر احد اهم اسباب المعضلة المالية التي نمرّ بها، التخبط السياسي الداخلي، من جهة، وسوء الخيارات السياسية على الصعيد الاقليمي – الاستراتيجي من جهة ثانية.

صحيح ان الفساد ينخر كل شيء وان السياسات والخطط التي اتّبعت لم تكن الامثل، غير ان الاداء السياسي له الباع الاطول في الازمة القائمة اليوم، وفي منع انطلاق عملية التعافي والخروج من الحفرة ايضا.. فأول خطوة نحو استعادة الاقتصاد عافيته، على حد تعبير عون، تتمثل في تشكيل حكومة، ليس اي حكومة، بل واحدة من اختصاصيين أصحاب كفاءات، لا تتحكّم القوى السياسية بقراراتهم، بما يتلاقى والشروط التي تضعها الدول المانحة، التي من دونها لن يكون هناك لا انقاذ ولا مساعدات، تتابع المصادر. غير ان ما يحصل اليوم على هذه الضفة، هو رفضٌ تام للتعاون مع المطالب الدولية، لالف سبب وسبب طائفي ومذهبي وفئوي و”صلاحياتي”، واصرارٌ على النهج القديم التقليدي في تشكيل الحكومات. فأي تعاف يمكن توقّعه اذا استمرت المناكفات او اذا تم تأليف حكومة على شاكلة حكومة حسان دياب مثلا؟

اما ثاني العلاجات السريعة المفعول للمعضلة الاقتصادية، فيكمن في اصلاح موقع لبنان “الاستراتيجي”. فوفق المصادر، ابتعاد العرب والخليجيين، عن لبنان، وهم اصحاب اكبر الاستثمارات والرساميل والمشاريع واعداد السياح، في بيروت، سببُه اصرار حزب الله، بغطاء من العهد والتيار الوطني الحر، على نقل لبنان الى المحور الايراني في المنطقة، وعلى سلخه عن محيطه الحيوي. وقد تسبّب تصدير الحزب على مرّ السنوات الماضية، المسلحين والاسلحة الى الميادين العربية، من سوريا الى اليمن، خارقا السياسة الرسمية المفترضة بالنأي بالنفس، تسبّب بقطيعة عربية شبه تامة للبنان الدولة، وبغضب دولي – اميركي كبير ايضا عليها. اما التمرّد على سلوك “حزب الله”، ومواجهةُ مشاريعه لضم لبنان الى محور الممانعة، وقد قال نائب امينه العام نعيم قاسم منذ يومين فقط ان “الحل أن نكون في محور المقاومة، الذي ترعاه الجمهورية الإسلامية”، والتقيدُ الجدي بمبدأ الحياد الايجابي الذي ترفع بكركي لواءه، فكفيلة بتشجيع الاشقاء العرب الغاضبين اليوم، على مد يد العون الى بيروت، طبعا شرط قيام حكومة تتعهد الاصلاح…

من السياسة اذا، وليس من اي مكان آخر، تبدأ ورشة انقاذ الاقتصاد. اما كل النواحي الاخرى، على اهميتها، فتفاصيل. فاذا أريد فعلا لـ”إيدال” ان تستعيد دورها ونشاطها، الطريق المطلوب سلوكُه من المنظومة معروف، تختم المصادر.