IMLebanon

لعبة عض الأصابع الحكومية في نهايتها؟

كتبت راكيل عتيّق في “الجمهورية”:

أتت زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس الأول المُعلنة، ولقاءاته برئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالتوازي غير المُعلنة، لتكسر الجمود الحكومي وتحرّك مياه التأليف الراكدة. ويأتي تحرّك إبراهيم هذا في إطار مسعاه الحكومي منذ بدأ أزمة التأليف، وسط أجواء ملائمة لهذا التحرك، وقد تكون بدفعٍٍ فرنسي، وفق ما يقول مطّلعون.

لم يتوقّف تحرُّك اللواء إبراهيم على الخط الحكومي يوماً، منذ بداية أزمة التأليف، لكن هذا التحرّك يقوى أو يخف تبعاً للجو القائم، فحين تكون هناك مساحات أفضل لإحداث خرق ما يتحرّك. وهو يرى الآن أنّ هناك إمكانية للبحث في التأليف، ويحاول أن يسعى للوصول الى حلحلة، عن طريق نقله ما يُمكن وصفه تطمينات للأفرقاء المعنيين تزيل الالتباسات التي تواجه عملية التأليف، وفق ما تقول مصادر مطّلعة. وفي هذا الإطار، أتت زيارة إبراهيم لبكركي بناءً على طلب الراعي، وهو يحاول أن يكون هناك تلاقٍ بين التوجهات كلّها، بحيث يتحرّك الملف الحكومي ويُكسر الجمود الذي يلفّه. وهو يعمل لإيجاد حلّ ضمن صيغة يلتقي عليها الطرفان المعنيّان، أي عون والرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري.

وفيما لا يزال توصيف «الثلث المعطّل» متعارضاً بين عون والحريري، بحيث بالنسبة الى الحريري، إنّ هذا الثلث يحصل عليه عون من خلال تسميته 6 وزراء مسيحيين زائد الوزير الأرمني، يعتبر عون أنّ من حقه أن يسمّي 6 وزراء مسيحيين بمعزل عن الوزير الأرمني الذي سيكون مستقلاً وليس ضمن حصته. لكن بالنسة الى فريق عون، لا يوجد ما يُسمّى بـ»الثلث المعطل». وبالتالي، إنّ البحث الآن يجري، حول نقطة وزارتي العدل والداخلية التي ما زالت عالقة، فيما يبدو أنّ معضلة عدد الوزراء لا يوجد حصار عليها وأنّ العدد قابل للبحث، على رغم تأكيد الحريري أنّ «الحكومة لن تكون إلّا من 18 وزيراً ونقطة على السطر». وتقول المصادر المطلعة إنّ مشكلة هاتين الوزارتين كانت منطلق الخلاف، وإذا وُجد حلّ لهذه النقطة، يُمكن أن يؤدي ذلك الى حلحلة معضلات حكومية كثيرة بعدها. إذ هناك مسعى، عبر اللواء إبراهيم تحديداً، وفي «المسعى هناك أخذ وعطاء».

وكان إبراهيم قد زار القصر الجمهوري أمس الأول، وأبلغ الى عون أنّه سيزور الراعي بعد الظهر، ثمّ زار إبراهيم الرئيس عون صباح أمس مجدداً ووضعه في جوّ لقائه بالبطريرك. وعن هذه الأجواء، تقول المصادر المطّلعة، إنّ «هناك إشارات مشجّعة، وعود على بدء لتحريك ملف التأليف. إنطلاقاً من ذلك، عند تحريك أي ملف، يَمحو كلّ طرح جديد الطرح القديم، وبالتالي قد يُصار الى إيجاد مخرج لكلّ المواقف السابقة التي يتمسّك بها عون والحريري».

لكن التحرّك المباشر الآن على الخط الحكومي يقتصر على تحرُّك إبراهيم، ولا جديد من جهة الفرنسيين، بل يُجري الفريق الديبلوماسي المُكلف من الرئيس الفرنسي ماكرون متابعة المبادرة الفرنسية اتصالات استطلاعاتية وليس مبادراتية بالأفرقاء المعنيين في لبنان، بحسب المصادر نفسها.

وفي حين يُتداول أنّ الفرنسيين يقفون طرفاً في الأزمة الحكومية، على ضفة الحريري، ينفي قريبون من عون ذلك، ويوضحون أنّ «هذا الكلام لو كان صحيحاً لما تحرّكت سفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريو، أخيراً، في اتجاهات مختلفة، ومن ضمنها زيارتها اللواء ابراهيم، ولم تكن المساعي الى التأليف قد تحرّكت، بل كان الفرنسيون جلسوا في قصر الصنوبر وأغلقوا الأبواب وقالوا: «فخّار يكسّر بعضو».

في المقابل، تقول أوساط أخرى عاملة على خط التأليف، إنّ الكلام الحكومي كلّه يجري في إطار مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتي تقضي بحكومة من 3 ستّات (6 لعون، 6 للحريري، 6 للثنائي الشيعي وحلفائه)، ومن دون ثلث معطّل لأي طرف، بصرف النظر عمّا إذا كانت الحكومة من 18 أو 20 وزيراً. وتؤكد أوساط «عين التينة» أنّ «حلّ بري قريب للعقل، لكن المهم أن يقتنع الغير»، مشيرةً الى أنّ «مبادرة بري قَبل بها ماكرون حين عُرضت عليه، كذلك مقبولة لدى الحريري والأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، وأحد لن يسير في الثلث المعطل». وتؤكد أنّ «بري لم يطفئ محركاته الحكومية، وما زال يعمل على هذا الخط، لكن في السياسة ليست البطولة في تَعلية الصوت بل في إيصال السياسة الى الهدف، ولا يجب صَبّ الزيت على النار بل التبريد، فالبلد متفلّت وكلٌّ يغنّي على ليلاه».

وفي حين ترى مصادر مطّلعة أنّ توسيع الحكومة الى 20 وزيراً يحلّ موضوع الثلث المعطّل، تعتبر أوساط معارضة لـ»التيار الوطني الحر» أنّ رئيسه النائب جبران باسيل متمسّك بهذا الثلث، على رغم نكرانه ذلك، انطلاقاً من حسابات مستقبلية مرتبطة باستحقاق الانتخابات النيابية والرئاسية المقبلة، والدليل الى ذلك أنّ باسيل أشار في خطابه الأخير الى أنّ هذه الحكومة هي حكومة مهمة لـ6 أشهر، فهو متخوّف من أن تبقى هذه الحكومة الى موعد الانتخابات».

في ظلّ هذه المعطيات، ترى مصادر معنية «أنّنا وصلنا الى النقطة الأخيرة، ووصلت لعبة عض الأصابع الى نهايتها، واقتربنا من الحلّ الحكومي، إذ إنّ أحداً لم يعد يتحمّل، فالبلد انهار وليس سينهار، وها هو النفط في البواخر في البحر ولا كهرباء ولا مياه»، وترى أنّ «هناك حاجة الآن الى مزيدٍ من الصبر وأنّ انتظار الولادة الحكومية لن يتخطّى منتصف الشهر المقبل، إذ إنّ كلاً من الأفرقاء لم يعد يتحمّل، واقترب من قول: «آخ» وإفلات إصبع الآخر».