IMLebanon

لبنان “المكشوف” على شفا اضطراباتٍ في الشارع

 

تتراكم المؤشراتُ الخطيرةُ في أفق الواقع اللبناني ومن حوله، مُنْذِرَةً بأن البلاد قد تكون على موعد مع مسارٍ أكثر «عصْفاً» لأزماته المالية – الاقتصادية والسياسية يسبق «ولادة قيصرية» لحلولٍ يُخشى أنه لم يعد ممكناً بلوغها «على البارد».

ويكتسب هذا السيناريو بالغ القتامة الذي صار حاضراً في الكواليس الداخلية والخارجية واقعيّته، من أن لبنان بات عالقاً «بين ناريْ» الانهيار المالي الذي لا خروج منه إلا على«حمّالةٍ» دولية مربوطة بالسياسة والإصلاحات، والمأزق الحكومي الذي تحْكم المَخارج الممكنة له مقاربتان: الأولى «موْضعية» محصورة بالتشكيلة التي يعمل عليها الرئيس المكلف سعد الحريري وشكلها وتوازناتها والتي يعوّل عليها المجتمع الدولي باعتبارها الإشارة الأولى إلى انطلاق مسارٍ تصحيحي يوصل إلى تقليص نفوذ «حزب الله» وتخفيف استفادته من المؤسسات لتمكين سيطرته لبنانياً وخارج الحدود.

 

أما المقاربة الثانية فشاملةٌ ويتقدّم صفوفها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي يمضي في الإضاءة على المرتكزات العميقة للأزمة التي بلْورها بأعلى صوت وأوضح صورة يوم السبت بتثبيته دعوته لمؤتمر دولي حول لبنان برعاية الأمم المتحدة على قاعدة الحياد، ومحدداً مكامن الخلل على مستوياتها كافة، وأبرزها السلاح خارج الشرعية (حزب الله)، محذراً من «الحال الانقلابية على الدولة والنظام».

وغداة ردّ «حزب الله» على طرح الراعي والهتافات التي صدحت ضده في بكركي عبر تحركات في الشارع ومسيرات سيارة رفعت أعلام الحزب وإيران بعدما كان النائب حسن فضل الله اعتبر ان التدويل «يعقّد المشكلة لا كما يرى البطريرك أنه الحل»، سائلاً «هل حمى التدويل المسيحيين في العراق وسورية»؟

بدا ضبابياً الأفقُ العمليّ لـ «نداء 27 فبراير» الذي فصّل الراعي مضامينه في إطلالة أمس عبر قناة «الحرة» وسط استعداداتٍ لتحرك داخلي نحو المرجعيات السياسية لتفسير منطلقاته وغاياته، قبل حِراك مماثل في اتجاه الخارج يرجّح أن يستظلّ مظلةً فاتيكانية يصعب تصوُّر أنها غير موجودة لـ «انتفاضة بكركي».

وعلى وقع تسريباتٍ عن خطوط اتصالٍ فُتحت مجدداً بين بكركي و«حزب الله» عبر اللجنة المشتركة، بدت مواقف الأفرقاء الآخرين تراوح بين تأييدٍ عن بُعد، كما في حال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وبين التفافٍ حول طرح الكنيسة المارونية من زواية عنوان تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية مع تَفادي الخروج عن «ربْط النزاع» مع «حزب الله»، كما ظَهَرَ من مقاربة «تيار المستقبل»، في ظلّ انطباعٍ بأن ثمة قراراً بـ «أخذ مسافة» عن مبادرة الكنيسة، يرْمي في جانب منه لترْك الاحتضان المسيحي الواسع لها يأخذ مداه على قاعدة أنه بمثابة سحْبٍ للغطاء المسيحي عن «حزب الله» الذي يوفّره «التيار الوطني الحر»، وفي جانب آخِر متّصل لجعْل ذلك «خاصرة رخوة» للتيار في المعركة المفتوحة حول الحكومة الجديدة بين عون والحريري.

وكان لافتاً أمس زيارة وفد من «كتلة المستقبل» برئاسة النائبة بهية الحريري، للراعي حيث أعلن النائب سمير الجسر «أن الرئيس المكلف مصمم على تأليف حكومة مهمة من الاختصاصيين غير الحزبيين والمشهود لهم بالكفاءة. وجدّدنا دعم إعلان بعبدا كاملاً وتحييد لبنان عن الصراعات الخارجية».

وفي موازاة ذلك، تزاحمتْ العناوين التي تشي بسخونةٍ آتية على أكثر من جبهة، أبرزها:

* التقارير المتجددة عن سبحة عقوبات على «شخصيات ومؤسسات متورطة مع(حزب الله) ستكرّ تباعاً، ولن تتوقف مع إدارة الرئيس جو بايدن»، وأن ملفات الشخصيات او المؤسسات التي ستُفرض عليها العقوبات تخضع راهناً للبحث من الفريق المتخصص في وزارة الخزانة الذي يعكف، كما نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصدر ديبلوماسي أميركي، على «درس الوثائق والمستندات المتصلة بتورط سياسيين وشخصيات قريبة من حزب الله من مختلف الطوائف، منهم القريب من العهد ومنهم البعيد عنه، من غير الدائرين مباشرة في الفلك المُمانع، وقد يكونون من المتورطين في مساعدة الحزب بتوسيع نفوذه وتَمَدُّده داخل إدارات الدولة وخارجها متسببين بتعميم الفساد».

* ملامسة سعر صرف الدولار، 10 آلاف ليرة في السوق السوداء، وسط تقديراتٍ بإمكان تَفَلُّته أكثر في ظل غياب أي مناخاتٍ توحي بقرب استيلاد الحكومة، ومعاودة فتْح القطاع التجاري بعد طول إقفال فرضته ضرورات لجْم الاندفاعة الأشرس لوباء «كورونا»، في ظلّ تحليق مستمر بأسعار السلع.

* أزمة العتمة التي يخشى كثيرون أن تكون «فتيل» اضطرابات «شعبية متدحرجة والتي تتشابك فيها تعقيدات شراء الفيول ابتداء من أبريل المقبل في ضوء التجاذبات السياسية حول إقرار قانون لإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طارئة، وهو ما كان رفضه رئيس البرلمان نبيه بري على قاعدة أنه لا يمكن أن يذهب إلى إقرار 1500 مليار ليرة، فيما البلد في حالة إفلاس، والحكومة لا تزال عاجزة عن حسم مسألة ترشيد الدعم»، وصولاً إلى عدم سداد مستحقات الشركة المكلفة وصيانة معملي الذوق والزهراني، وليس انتهاء بالتقارير عن اتجاه شركة«كارادينيز»التركية إلى الانسحاب من السوق اللبنانية، أي توقف باخرتيها«فاطمة غول»و«اورهان باي»الموجودتين على شواطئ الزوق والجية عن العمل بحجة عدم تلقيهما مستحقاتهما البالغة نحو 180 مليون دولار، ما سيعني خسارة لبنان نحو 25 في المئة من إنتاج الكهرباء الشحيح أصلاً والذي تسبب بتحركات غاضبة في الشارع في الأيام الماضية احتجاجاً على تقنين قاسٍ مرشّح لفصول أعتى ويُخشى أن يشكّل(باب انفجارٍ)شعبي اكتملتْ«مكوّناتُه».