IMLebanon

تجاوز عقدة الثلث المعطّل صار ممكنًا؟

كل المقاربات الخارجية للوضع في لبنان تعتبر تشكيل الحكومة خطوة اولى ووحيدة لإدخال لبنان في فترة انتقالية يضع خلالها أزمته على سكة المعالجة التي تتطلب وقتاً طويلاً، ولسنوات على الاقل، الّا انّ المريب هو التجاهل الذي يُعبّر عنه في الخلاف العميق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري حول تشكيل الحكومة، علماً انّ الرئيس الحريري غادر امس بيروت متوجّهاً الى دولة الامارات العربية المتحدة.

وبحسب معلومات “الجمهورية” فإنّ حركة مشاورات مكثفة جرت في الآونة الاخيرة، نجحت في تفكيك الكثير من الالغام المزروعة في طريق التأليف، والفرنسيون كانوا على الخط المباشر المواكِب لهذه الحركة عبر اتصالات جرت مع أطراف التعطيل. وعلى ما تؤكد مصادر معنية مباشرة بهذه المشاورات، بأنه قد تم تجاوز اكثر من 90 في المئة من العقد، بحيث يمكن الحديث عن أنّ تجاوز عقدة الثلث المعطّل صار ممكناً جداً، وثمّة ليونة حول هذا الامر، بما يؤدي الى تشكيل حكومة متوازنة لا غلبة فيها لطرفٍ على آخر. لكنّ العقدة ما تزال مستحكمة حول مصير بعض الوزارات الحساسة وعلى وجه الخصوص وزارة الداخلية التي يصرّ عون والحريري على الظفر بها.

وتؤكد المصادر انّ الفرنسيين أرسلوا اشارات مباشرة في كل الاتجاهات بضرورة احتواء الوضع وتسهيل تشكيل حكومة، خصوصاً انّ التحركات الاحتجاجية التي شهدها لبنان في الساعات الاخيرة تضع الوضع في لبنان امام احتمالات غير محمودة. إلّا انّ تلك الاشارات لم تلق الصدى الايجابي المطلوب، مع انها انطوَت على نظرة شديدة التشاؤم. ولعل ابرز ما في تلك الاشارات الفرنسية، هو التكرار امام معنيين مباشرين بحركة الوساطات، وكذلك امام مراجع تواصلت مع الفرنسيين في الفترة الاخيرة، بأنّ سفينة لبنان تغرق سريعاً، ومع الاسف، لا يوجد قبطان يحسن إدارة دفتها”.

ولم يبدر عن عون والحريري ما يعكس رغبتهما في الجلوس على الطاولة من جديد وحسم الملف الحكومي، فكلاهما متحصّنان برفض مبادرة اي منهما في اتجاه الآخر. والاوساط القريبة منهما تؤكد انّ الامور ما زالت عالقة عند النقطة التي انتهى اليها لقاؤهما الاخير بعد عودة الحريري من باريس. ومنذ ذلك الحين لا يوجد أي تواصل بينهما. مع أنّ ما حصل من احتجاجات في مختلف المناطق اللبنانية (التي استمرت امس في تجمعات وقطع طرقات في بعض المناطق)، والتي تُنذر بمضاعفات واستفحال شراراتها لتطال كل شيء على اكثر من مستوى، إضافة الى هجوم الدولار على آخر ما تبقّى من قدرة شرائية للبنانيين، كان يوجِب على الشريكين في تأليف الحكومة المبادرة الى الالتقاء وصَوغ توافق بينهما لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، على حد قول مسؤول كبير لـ”الجمهورية”.

يتوازى ذلك، مع كلام انتقادي وهجومي على تعطيل الحكومة، تعبق به مختلف المجالس السياسية، ويؤكد “انّ الكلمة في نهاية المطاف هي للناس، التي لا تُلام ابداً ان تنتفض امام المسؤولين المهاجرين عن البلد، وقررت ان تفعل أي شيء لاختراق الحوائط التعطيلية سواء للحكومة او للبلد، هناك من يُصادر البلد وغير عابىء بشيء الّا بحجمه وحصته ووزاراته وكأننا ما زلنا نعيش ما قبل 17 تشرين الاول، لقد اصبح البلد معزولاً عن العالم، لا أحد يحكي معنا، ولا أحد يكترث لنا. فهل مكتوب على اللبنانيين ان يبقوا أسرى مزاجين غريبين، سبق لهما ان اتفقا في لحظة سياسية معينة ونَسَجا تسوية بينهما في العام 2016، أدّت الى خراب البلد، وها هما عندما اختلفا يحرقان البلد، لقد بلغنا الحدود السفلى، وماتت احلام اللبنانيين، وتبعاً لذلك إن لم تتحرّك الارض وتهزّ المعطلين، لن يتحرّك من عليها ابداً طوعاً وبإرادتهم نحو العقلانية والموضوعية والشعور بالمسؤولية”.