IMLebanon

الاقتصاد في عتمة الـ24/24… من أين تؤمن السلفة؟

في الثالث من شباط الماضي طمأن وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر اللبنانيين إلى أن “البلد لن يصل إلى العتمة”، معلناً أن “وزارة الطاقة تعمل ليلاً نهاراً وبشفافية لتأمين حاجة السوق من الفيول”.

في الحادي عشر من الجاري، أي أمس الاول، اطلّ غجر على اللبنانيين ليقول النقيض و”يبشّرهم” أن جهنّم التي يعيشون فيها سيسيطر عليها الظلام. دق ناقوس الخطر من قصر بعبدا، مشدداً على ان لبنان قد يذهب الى العتمة الشاملة نهاية الشهر الجاري في حال عدم منح مؤسسة كهرباء لبنان مساهمة مالية لشراء الفيول، وموضحا ان الحل يكمن في تحمل النواب مسؤولياتهم والتوقيع على قانون معجل مكرر لإعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة بقيمة 1500 مليار ليرة.

من بعبدا أيضاً، اطلع غجر اللبنانيين على تداعيات انقطاع الكهرباء، لافتاً إلى “تأثير ذلك على الامن الغذائي والصحي والوبائي وعلى السلامة العامة عبر زيادة السرقات، وسيؤدي طبعاً الى مشكلة شاملة في الدورة الاقتصادية. إلى ذلك، كل كيلوات ساعة لا ننتجه من مؤسسة كهرباء لبنان ندفع قيمته للمولد بسبب استعمال الديزل والمازوت بقيمة 30 % زيادة. وهذه المشكلة لا تقع فقط على عاتق المواطن بل ايضاً على مصرف لبنان الذي سيضطر الى تصدير دولار أكثر الى الخارج ليتمكن من دفع بدل المازوت. وبذلك نحن ندفع زيادة من الاموال الـfresh dollars للخارج، ويتحمل المواطن فاتورة اكبر بمقابل خدمة سيئة”. معالي الوزير المسؤول عن شعبه يخبره عن العواقب في حين أن المطلوب حلول بعد تبذير 43 مليار دولار على القطاع منذ العام 1993 إلى أن شكّل العجز المالي هذا 46% من قيمة الدين المحلي.

وفي تفاصيل العواقب الاقتصادية للعتمة الشاملة، شرح الخبير الاقتصادي والمالي البروفسور جاسم عجاقة لـ “المركزية” أن “الكهرباء عصب كلّ الاقتصادات الحديثة من دون استثناء، لدرجة أن قياس مدى التطوّر الاقتصادي في بلد ما أصبح مرتبطا باحتساب ساعات توفّر التيار الكهربائي، وإن كانت متدنية فهذا مؤشّر للتخلّف الاقتصادي. مثلاً، الباكستان يمتلك سلاحاً نووياً إلا أن التيار الكهربائي منقطع دائماً لذا يصنّف اقتصاده بالمتردي”.

ولفت إلى أن “لا يمكن تقريباً لأي قطاع أن يسلم من الانقطاع الكهربائي، لا الخاص ولا العام سيتمكن من مواصلة نشاطه، ولذلك تداعيات سلبية حتّى على المنازل وعلى استخدام وسائل التواصل الحديثة من أجهزة إلكترونية وإنترنت وغيرها… فكرة انقطاع الكهرباء لساعات طويلة أشبه بالخيال على أمل أن لا يتحوّل إلى حقيقة نهاية الشهر”، مضيفاً “الضرر سيكون كبيراً جدّاً، والفكرة بحدّ ذاتها مرعبة للاقتصاد وتداعياتها كارثية حتى الاجتماعية منها ستكون شديدة السلبية. لا شيء أسوأ يمكن أن يضرّ الاقتصاد. ومن الاستحالة تقريباً أن تستمر الحياة اليومية”.

وأوضح عجّاقة أن “قطاع المولّدات يمدّنا نصف الوقت بالتيار والنصف الثاني نحصل عليه من مؤسسة كهرباء لبنان، وهذا القطاع الخاص لا يمكنه الحلول مكان مؤسسة كهرباء لبنان لأنه لا يمتلك التجهيزات الكافية لتشغيل المولّدات طوال هذه الساعات”.

وعن القدرة على تأمين السلفة المطلوبة، أجاب “الكهرباء أكثر ما يحتاجه المواطن، لكن السؤال الجوهري من أين ستأتي الدولة بالمال؟ خصوصاً وأنها ليست صرافاً داخلياً، بل المطلوب سلفة بالدولار أي من الخارج. لذا الموضوع غير سهل لأن حتّى لو أقرّت السلفة من دون تأمين المبلغ لا نعرف كيف سيمكن للمسؤولين التصرف والمشكلة كبيرة جدّاً”.