IMLebanon

تحذيرات دولية للبنان: الآتي أصعب!

توقفت مراجع سياسية وديبلوماسية امام موجة التحذيرات الدولية المتتالية وخصوصا تلك التي صدرت في الايام القليلة الماضية، والتي حملت المزيد من الاتهامات الواضحة والصريحة الى المسؤولين اللبنانيين واركان السلطة من دون ان تلقى اي رد او توضيح لما حملته من توبيخ لا سابق له في الحياة السياسية اللبنانية.

كان بعض الديبلوماسيين يعتقدون ان الحملة الدولية لاحياء ما هو مطلوب لتوفير ما هو آت من استحقاقات صعبة لا يمكن ان تمر على اللبنانيين بسهولة. ولم تعد تقتصر على ما يحتسب من المحطات البعيدة المدى بل ان البعض منها بات على الأبواب وهو ينذر بالكثير مما يثير الشؤم، خصوصا إن اصر البعض على عناده محتفظا بمواقف وخيارات لا تتيح له ولمن يواليه ويدعمه من اللبنانيين سوى تأمين المصالح القصيرة المدى ولا تقدم اي اشارة ايجابية يمكن ان تؤدي الى اقتراب البلاد من محطة الفرج والتعافي السياسي والحكومي والاقتصادي كما على باقي المستويات الحيوية.

وعليه، فان النظر الى التحذيرات الفرنسية والبريطانية والأميركية كما الروسية، يوحي بان المجتمع الدولي، وان اوحى بوجود مهلة مقبولة للخروج من النفق، فانه لن يطول الوقت لتتطور المواقف الى ما هو ادهى واقسى. فالعبث بالمصالح العامة وحقوق اللبنانيين لن يقف عند حدود الوطن الجغرافية والأمنية منها كما الاقتصادية والإنسانية، لا بل سيؤدي حتما الى الإخلال بالامن القومي والسلام الدوليين على حد اعتبار احد الديبلوماسيين الذي تعب من مسلسل الاقتراحات التي قدمها من اجل الخروج من الأزمة في مراحل سابقة كان يعتقد انه ما زال بالإمكان الإستثمار في وعي المسؤولين بخطورة المرحلة وما يمكن ان تقود اليه الانهيارات المتتالية والمتناسلة من قطاع إلى آخر.

ولكن ما لبث هذا الديبلوماسي ان اكتشف ان معظم جهوده باءت بالفشل فاوحى في سلسلة من التقارير التي رفعت الى حكومته بضرورة التشدد في البحث عن صيغة حل خارج لبنان. واستند في اقتراحه الى ان بعض القيادات الفاعلة والمؤثرة في مواقع رسمية وغير رسمية ما زال يراهن على انتصارات وهمية اقليمية ودولية يمكن استغلالها  في الداخل لتليين هذا الموقف او ذاك او الى استدراج البعض الى حيث يريد خدمة لأجندات لم تعد لبنانية في الكثير من وجوهها ونتائجها.

وأضاف هذا الديبلوماسي، ان احدا لم يتفهم تحذيراته المسبقة مما قد تشكله هذه الأزمات من خطر جدي على وحدة المجتمع، كما بالنسبة الى ما تحقق الى اليوم من الحد الادنى من الامن الذي ما زال مقبولا رغم الانهيارات الاقتصادية والنقدية وما تركته جائحة الكورونا من انعكاسات سبقت انفجار مرفأ بيروت والنكبة التي تسبب بها ليس على مستوى فقدان وزهق الارواح بالآلاف، فحسب بل على مستوى التدمير في البنى التحتية وما فوق الأرض وتحتها في جزء كبير من العاصمة وقلبها الاقتصادي وواجهته البحرية الى العالم والتي يمثلها مرفأ بيروت.

لا تقف التحذيرات الديبلوماسية عند هذا الحد، لا بل تخشى من تطور الامور في الداخل الى مرحلة يختل فيها التوازن الهش نتيجة فرض امر واقع لا يمكن تجاوزه بسهولة. وهو امر خطير لا يمكن تداركه ولا طي مظاهره السلبية على مستقبل لبنان وفئآت واسعة منهم ولاسيما اولئك الذين انهارت مداخيلهم وسدت في وجههم سبل العيش. ولولا الازمة النقدية والمالية واحتجاز مدخرات اللبنانيين في المصارف لكانت الهجرة قد هددت مناطق بكاملها وافرغتها من سكانها نتيجة الترددات الخطيرة التي قادت اليها السياسات العامة المعتمدة على اكثر من صعيد سياسي وديبلوماسي واجتماعي.

لا تقف الامورعند هذا الحد، فالأخطر ان انضمت مجموعة الدول المانحة التي ما زالت تعطف على اللبنانيين الى باقي المجموعات والتكتلات الإقتصادية التي شطبت بيروت من مجالاتها الحيوية الى اجل غير مسمى سعيا الى حماية راسمالها وإدخاره لاستثماره حيث البيئة الآمنة والصالحة التي تسمح بذلك. وليس ادل الى توجه العديد من الشركات والصناديق الاستثمارية  من التوجه الى اسرائيل والسودان بعد مصر والدول الآمنة  التي لم تشهد مظهرا من مظاهر الصراع بين محور الممانعة والحلف الدولي ضد الارهاب والذي تجلت فصولها المروعة في سوريا والعراق واليمن والبحرين وليبيا كما في افغنانستان ودول أخرى حيث الصراع ما زال قائما بين القوى عينها والتي كانت في مرحلة من المراحل قد اتفقت في ما بينها رغم حجم الخلافات على تجنيب الساحة اللبنانية ما لا تتحمله قبل ان يستدرجها بعض اللبنانيين الذين لا يعترفون بخصوم لبنانيين نتيجة الامتدادات الخارجية التي التزموا بها وتحولوا راس حربة لها في اكثر من بقعة في العالمين العربي والاسلامي.

وبناء على ما تقدم، ترتفع الخشية على المستقبل جراء اصرار البعض على تجاهل التحذيرات الدولية والسعي الى تفسيرات خاطئة لا تخلو من الديماغوجية. معتبرين ان مواقعهم الدستورية تسمح بالرفض واعاقة اي مخرج  ولو كانت النتيجة ان يدفع لبنان واللبنانيين اثمانا لطموحات  لا تتناسب وما يمكن الوصول اليه في ظل الظروف الراهنة او انه لم يحن اوانه بعد.

ويضاف الى اسباب هذا القلق، اعتبار نائب وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الاوسط دايفيد شينكر ان حزب الله ليس وحده المشكلة. وان المعضلة ليست فقط بانه يسيطر على لبنان، انما هي بوجود طبقة سياسية “لا يفوتون فرصة لتخييب الآمال”.  وهو امر مستجد وجب التوقف عنده وعدم اعتبار تشكيل الحكومة خطوة كافية للحل انما ما هو مطلوب أكثر بكثير فهل يمكن الرهان على وجود من يتولى إدارة المرحلة المقبلة كاملة ام انه ما زال مفقودا؟!