IMLebanon

السلالة البريطانية تسيطر على لبنان… وهذا السيناريو الأسوأ!

كتبت ليلي جرجس في “النهار”:

بين المساعي المبذولة والدعوات الطبية لتسريع حملة التطعيم وبين الإصابات المرتفعة التي تُسجل بعد فتح البلد من دون مراقبة أو تشديد كما جرت العادة مع قرارات الإقفال السابقة، يبدو أن وضعنا الصحي متأزم وما ينتظرنا قد يكون مرعباً وقاسياً. يتغلغل الفيروس في المناطق اللبنانية جيداً، يتفشى في بعضها بطريقة صامتة وسريعة في ظل استهتار وعدم تقيّد بأدنى إجراءات الوقاية. صحيح أن الأرقام تعكس عينة عن التفشي الوبائي إلا أن حقيقة الأرقام على أرض الواقع قد تكون مضاعفة وتدعو للقلق.

يبدو واضحاً أن عدّاد الإصابات يعاود ارتفاعه على رغم الإقفال ومحاولة انعاش القطاع الصحي وتخفيف العبء عنه، وثمّة عوامل كثيرة تؤثر في المسار الوبائي، ناهيك بعدم الالتزام والمحاسبة التي كانت تضرب بيد من حديد بين الحين والآخر، وفي مناطق على حساب أخرى.

لبنان يُحتضر صحياً، و#السلالة البريطانية متفشية بشكل شبه كامل على أراضيه، وهذا ما يُفسر إلى حد ما سبب الإصابات المرتفعة. فهذه السلالة لها قدرة على الانتشار بشكل أكبر ترواح بين 50 الى 70 في المئة، وتكشف فحوصات الـPCR أنها شبه مسيطرة على لبنان.

يشرح الدكتور في العلوم البيولوجية والأستاذ المحاضر في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية فادي عبد الساتر لـ”النهار” أنه “بالإستناد إلى نتائج فحوصات الـPCR يبدو واضحاً أنها تكشف جميعها اختفاء جين S وهو جين واحد من أصل 3 تابعة لفيروس #كورونا. واختفاء هذا الجين غير مرتبط لا بالسلالة الجنوب أفريقية ولا بالسلالة البرازيلية، وكل النتائج الصادرة عن فحوصات الـPCR لثلاثة مختبرات كبيرة (تشهد على عدد فحوصات كبير جداً) متعلقة فقط بهذه السلالة التي تعود إلى السلالة البريطانية”.

منذ 20 شباط وحتى اليوم، تظهر فحوصات كورونا هذه السلالة دون سواها، وبعد تحديد تسلسل شيفرة الفيروس بشكل كامل التي أجريت بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية في بريطانيا والتي أشارت إلى تأكيد وجود السلالة البريطانية، يبقى الإحتمال المؤكد أن “كل النتائج الصادرة اليوم في لبنان تعود إلى السلالة البريطانية، إلا أن الخبر الإيجابي حتى الساعة أن اللقاحات المتوافرة تملك فعالية ضد هذه السلالة على عكس السلالة الجنوب افريقية والبرازيلية”.

إذاً، السلالة البريطانية تسيطر على كل لبنان، ووفق عبد الساتر فإن “الأرقام المعلن عنها اليوم لا تعكس الواقع الوبائي في لبنان. وعلينا أن نعرف أننا لم نشهد على انخفاض نسبة الفحوصات الإيجابية على الرغم من الإقفال، وبقيت النسبة الإيجابية من الأشخاص الذين يجرون الفحوصات أكثر من 25%. وبالتالي الإصابات في لبنان أكثر بكثير من المُعلن عنها، وعلينا أن نضاعفها 10 أو 20 مرة حتى نحصل على رقم يُمثل الواقع الوبائي في لبنان”.

وفي ظل استهتار الناس وعدم التزامهم الإجراءات الوقائية كارتداء الكمامة والتباعد الإجتماعي وتجنب التجمعات المكتظة، تصبح الخطورة أكبر لا سيما أن الإقبال على التطعيم ضيئل والأرقام المسجلة على المنصة تعكس تخوف الناس من جهة والحاجة إلى التوعية الملحة من جهة أخرى.

أما ما يقلق الأطباء والخبراء والمتابعين للواقع الصحي اللبناني أخطر من مجرد ارتفاع الإصابات، وهذا ما يكشفه عبد الساتر بقوله إن “خوفنا اليوم أن نشهد تحوراً أخطر نتيجة طفرات للسلالة البريطانية في لبنان، وطالما أن الفيروس ينتشر وينتقل، فإن خطر حدوث تحورات فيه يرتفع أكثر ، وقد نصل إلى وجود متحور أخطر حيث لن تشفع به اللقاحات وتعطي الفعالية المطلوبة كما هي الحال مع السلالات الجنوب أفريقية والبرازيلية. ووفق المعطيات الحالية، لم نكتشف بعد أثر أو وجود للسلالتين الأخيرتين في لبنان، ولكن قد نواجه في أي لحظة متحوراً جديداً خصوصاً بعد فتح البلد بهذه الطريقة الذي يجعلنا في وضع سيئ جداً”.

ما يُحذر منه الأطباء اليوم، وصرخة المستشفيات أكبر دليل على أن القطاع الصحي يستنزف كل قدراته وقد وصل بعض المستشفيات اليوم إلى قدرته الإستيعابية القصوى حتى في قسم الطوارىء. والتحذير من حدوث سيناريو سيئ ليس من باب التهويل بل حقيقة نلمسها في بعض المستشفيات نتيجة التفشي السريع للفيروس. إذاً، نحن في عين العاصفة وتفشي السلالة البريطانية يُقابله تراخ في الإجراءات الوقائية.

ويلفت عبد الساتر إلى أن “التفشي الوبائي موجود في المناطق البعيدة التي ما زالت غير ملتزمة بأدنى اجراءات الوقاية والاستهتار سيد الموقف فيها مثل الهرمل والبقاع والجنوب والشمال، واللافت أنها ترفض التطعيم إما خوفاً أو عدم معرفة نتيجة غياب التوعية، وتعتبر النسبة قليلة جداً ممن تلقحوا مقارنة بالنسب العالية في جبل لبنان. ونتيجة غياب المسح اليومي لهذه المناطق لمعرفة مدى تفشي الوباء فيها، يبقى الأهم اليوم التشديد على أهمية اللقاح والتوعية حوله حتى نتفادى أي تحور جديد أسوأ من التحورات الموجودة اليوم في العالم”.

وإزاء هذا الواقع، يسعى عبد الساتر إلى إرسال عينات جديدة إلى بريطانيا بعد تعاونه مع المنظمة الصحة البريطانية التي تتابع بأهمية كبرى في مختلف أنحاء العالم. وتكمن أهمية ارسال هذه العينات لمعرفة حقيقة وضعنا والتأكد من عدم حدوث اي تحور، وقد شهدت السلالة البريطانية طفرة جديدة في بريطانيا أثارت قلق الخبراء والعلماء، علماً أن حملة التطعيم هناك بلغت نسبة 30%. وقد لجأت بريطانيا إلى الإسراع في التلقيح للتخفيف من انتقال الفيروس وانتشاره وتالياً منعه من التحور”.

كل المؤشرات تؤكد أن وضعنا الصحي خطير ودقيق، وفي حال بقيت الإصابات إلى ارتفاع في ظل التراخي في الإجراءات الوقائية وبطء عملية التطعيم، فسنكون أمام قرار الإقفال مجدداً الذي يصعب تحمل وزره في هذه الظروف الإقتصادية المتردية. برأي عبد الساتر أننا “ذاهبون إلى الهاوية في حال استمر الوضع على ما هو عليه اليوم، فالسلالة البريطانية لديها قابلية أكثر على الالتصاق بخلايا الجسم وتُصيب الأطفال الذين يعانون من أعراض بعدما كانوا في الماضي من دون أعراض. نحن في دائرة مغلقة خطيرة، خصوصاً ان هذه السلالة لديها قدرة أكبر على الانتقال بنسبة 50 إلى 70%. والدليل على أن هذه السلالة مسيطرة كلياً في لبنان أو متحور جديد من السلالة البريطانية، في حين لم يعد هناك وجود أو أثر للسلالة القديمة التي ظهرت عند انتشار الفيروس في بداية الجائحة.”