IMLebanon

لا لتسويات حكومية لتمرير الوقت! (بقلم رولا حداد)

بعد كل ما جرى في لبنان، بعد الانهيار الكارثي والإفلاس الشامل للدولة ومؤسساتها، وبعد انفجار مرفأ بيروت وتدمير نصف العاصمة، وبعد محاولات كسر القطاع المصرفي وكل القطاع الخاص، يأتي من يحدثنا عن “تسوية” لتشكيل حكومة جديدة!

وفي مفهومهم لـ”التسوية” أن تكون بين الأطراف السياسية نفسها التي تسبّبت بكل ما وصلنا إليه، وكأن المطلوب وبأي ثمن الإبقاء على هذه المنظومة الحاكمة وإدارة تسويات في ما بينها لكي تمعن في نهب البلد وقتل اللبنانيين وتهجيرهم، لأن هذه المنظومة بأطرافها الحاكمة لا تعرف معنى الإصلاحات لأنها تناقض أساس وجودها في الحكم وأسلوبها الزبائني وتجاوزاتها لكل القوانين، وبقاؤها يعني حكماً أن لا محاسبة آتية ولا إصلاحات بل إمعان في النهج السابق. والدليل أن “التسوية” التي يتحدثون عنها لا علاقة لها بالبرامج والإصلاحات بل بالمحاصصة داخل الحكومة على قاعدة هل يأخذ فريق رئيس الجمهورية الثلث المعطل أم تتوزع الحكومة على ثلاث أثلاث، وهل يكون عدد وزراء الحكومة 18 أم أكثر من أجل تأمين المزيد من الزبائنية السياسية في عملية التوزير!

ولكن بعيداً عن حسابات المنظومة الحاكمة داخلياً، كيف يمكن التفكير فعلاً بأنه من الممكن أن تتشكل حكومة في ظل كل الاشتباك الإقليمي من اليمن إلى لبنان وفي ظل التعثر في الانطلاق الجدي للمفاوضات الإيرانية- الأميركية؟ كيف يمكن أن تتشكل حكومة في ظل تأكيد المسؤول الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أن “مثلث المقاومة والجيش والحكومة اللبنانية هو الرابح في لبنان” واتهامه الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية بعرقلة تشكيل “حكومة قوية”؟!

هل يمكن أن تتشكل حكومة تحت وطأة التهديد بالجوع والأمن والفتنة والحرب في الداخل وصولاً إلى التلويح بإسقاط “الطائف” وتغيير الدستور؟ ومن يستطيع أن ينفّذ كل هذه التهديدات غير “حزب الله”، بغض النظر إذا كان سينجح أو لا؟ من يملك القدرة والقابلية للعبث بالأمن والتسبب بفتنة وإشعال حرب في الداخل غير الحزب لأنه ميليشيا مسلحة؟ ومن أعلن رغبته علناً في تعديل الدستور لتغيير “الطائف”؟ ومن تسبب بمشاركته في الحروب الإقليمية وعزل لبنان عن محيطه العربي بالانهيار الكبير وإيصال لبنان ليكون بين أسوأ 4 دول في العالم لناحية قدرة قسم كبير من شعبها للوصول إلى الغذاء غير “حزب الله”؟

فهل المطلوب إذاً تشكيل حكومة بشروط “حزب الله” من أجل تأمين السيطرة الإيرانية وإبقاء لبنان رهينة بيد طهران في انتظار مفاوضاتها مع واشنطن؟

حين تم الذهاب إلى التسوية الرئاسية في العام 2016 وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، قيل لنا إن ذلك تمّ لوضع حدّ للفراغ، ليتبيّن لاحقاً أن الفراغ كان أفضل بكثير. واليوم ثمة من يبحث عن تسوية فقط من أجل إنقاذ “حزب الله” وشراء الوقت له في انتظار المفاوضات النووية وتأمين استمرار السيطرة الإيرانية، عوض أن يكون الهدف من أي حكومة جديدة إنقاذ لبنان واللبنانيين عبر العمل على خطين متوازيين: استعادة سيادة الدولة عبر الانتهاء من سلاح “حزب الله” وهيمنته على القرارات الوطنية، وإجراء إصلاحات شاملة في العمق وفي كل القطاعات وضرب أوكار الفساد لإعادة النهوض بالاقتصاد الوطني.

إذا لم تكن هذه هي أهداف أي حكومة وبرنامجها، فمن الأفضل أن تتركوا “حزب الله” يحكم وحيداً مع حلفائه ويحصد نتيجة ما زرعه سلاحه وحروبه وولاؤه لإيران. لا تحاولوا تشكيل أي حكومة بمعادلات الحزب لأنها ستكون أسرع طريق للقضاء على ما بقي من لبنان… فهل تتعظون؟